للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والوجه في ذلك: أنه لما أقدم على البيع هدد أن بديننا [إلى] (١) أن الملك لا يزول عن المالك بما يُعده للمعصية، والذمي إذا كان (٢) بديننا يلزمه ذلك، كما في نكاح المحارم إذا طلب الفرقة من القاضي.

وأما إطلاق لفظ الذمي في الكتاب في قوله: (وإذا اشترى ذمي)، وفي قوله: (وشفيعها ذمي)؛ للاحتراز عن المرتد، [لا للاحتراز] (٣) عن الحربي المستأمن، فإن المرتد لا شفعة له، سواء قتل في ردته، أو مات، أو لحق بدار الحرب، ولا لورثته؛ لأن الشفعة لا تورث.

هذا إذا كان المرتد شفيعًا، وأما إذا كان المرتد بائعًا؛ فقتل، أو مات، أو لحق بدار الحرب- بَطَلَ البيع، لم يكن فيه الشفعة في قول أبي حنيفة (٤).

بخلاف ما إذا اشترى المرتد دارًا؛ لأن توقف العقد عنده لحق المرتد، فإذا كان المرتد هو البائع فهذا في معنى بيع بشرط الخيار للبائع فلا تجب به الشفعة، وإذا كان المرتد هو المشتري، فهذا [في] (٥) معنى بيع بشرط الخيار للمشتري، فتجب الشفعة به للشفيع سواء، وبعض (٦) البيع أو تم [لم يكن] (٧).

فإن (٨) أسلم المرتد البائع قبل أن يلحق (٩) بدار الحرب جاز بيعه، وللشفيع فيها الشفعة؛ لأن البيع تم، وخياره سقط بإسلامه. هذا التفصيل كله في المرتد.

و [أما] (١٠) الحربي المستأمن في وجوب الشفعة له، وعليه في دار الإسلام سواء بمنزلة الذمي؛ لأنه من جملة المعاملات، وهو قد التزم حكم المعاملات مدة مقامه في دارنا (١١)؛ فيكون بمنزلة الذمي في ذلك؛ فإن اشترى المستأمن دارًا، ولحق/ بدار الحرب فالشفيع على شفعته متى لقيه؛ لأن لحاقه بدار الحرب كموته، وموت المشتري لا يبطل شفعة الشفيع.

وإن (١٢) اشترى المسلم في دار الحرب [دارًا] (١٣)، أو (١٤) شفيعها مسلم بدار له، ثم أسلم أهل الدار فلا شفعة للشفيع؛ لأن حق الشفعة من أحكام الإسلام، وحكم الإسلام لا يجري في دار الحرب.

وأما تعيين الخمر والخنزير في الثمن فللاحتراز عما إذا اشترى من الكافر دارًا بميتة أو دم فلا شفعة فيها؛ لأنها ليست بمال في حقهم، فالشرى بها يكون بإطلاق العقد الباطل لا تجب الشفعة. كذا في «المبسوط» (١٥).


(١) ساقطة من: (ع).
(٢) في (ع): «دار».
(٣) في (ع): «وللاحتراز».
(٤) ينظر: المبسوط: ١٤/ ١٥٧.
(٥) ساقطة من: (ع).
(٦) لعلها في (ع): «انتقض».
(٧) ساقطة من: (ع).
(٨) في (ع): «وإن».
(٩) في (ع): «يرتد».
(١٠) ساقطة من: (ع).
(١١) في (ع): «دار الحرب».
(١٢) في (ع): «فإن».
(١٣) زيادة من: (ع).
(١٤) في (ع): «و».
(١٥) ينظر: المبسوط: ١٤/ ١٦٨.