للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(والأخذ بالشفعة به)، أي: بالثمن.

ولنا: أن الأجل إنما يثبت بالشرط، ولا شرط فيما بين الشفيع والبائع، وليس هذا مقتضى العقد حتى يتحول إلى الشفيع بتحول الصفقة، بل هذا مقتضى الشرط؛ فيثبت في حق من ثبت في حقه الشرط.

وذكر في «المبسوط» الأجل مدة ملحقة بالعقد شرطًا، فلا يثبت في حق الشفيع كالخيار، وهذا لأن تأثير الأجل في تأخير المطالبة، وبه يتبين أنه ليس بصفة للمال؛ لأن الثمن للبائع، والأجل حق المشتري على البائع؛ فكيف يكون صفة للثمن؟!

الملاءة: صحته بفتح الميم (١)؛ فإنها مصدر مَلُؤَ الرجل -بالضم- ملاءة، والملي: الغني المقتدر (٢).

(ثم ولاه غيره)، أي: باعه بالتولية.

وقوله: (لما بينا من قبل)، أراد به: قوله: (لامتناع قبض المشتري بالآخر بالشفعة وهو يوجب الفسخ)، إلى آخره.

ذكر (٣) في أواخر باب طلب الشفعة، خلافًا لأبي يوسف الآخر (٤).

وذكر ابنُ أبي مالك (٥): كان أبو يوسف يقول أولاً كقولهما في أن الشفيع إذا لم يطلب في الحال لم يكن له أن يأخذها بعد حلول الأجل، ثم رجع، وقال: له أن يأخذها عند حلول الأجل، وإن لم يطلب في الحال فوجهه أن الطلب غير مقصود بعينه، بل للأخذ، وهو في الحال لا يتمكن من الأخذ على الوجه الذي يطلبه؛ لأنه إنما يريد الأخذ بعد حلول الأجل، أو بثمن مؤجل في الحال، ولا يتمكن من ذلك فلا فائدة في طلبه في الحال فسكوته لأنه لم ير به فائدة، لا لإعراضه عن الأخذ (٦).

ووجهه (٧) ظاهر الرواية: أن حقه ثبت في الشفعة بدليل أنه لو أخذه بثمن حالٍّ كان له ذلك، والسكوت عن الطلب بعد ثبوت حقه، فبطل شفعته. كذا في «المبسوط» (٨).

(وإن اشترى ذميٌّ بخمر أو خنزير [دارًا] (٩)، وشفيعها ذمي، أخذها بمثل الخمر وقيمة الخنزير).

أطلق الاشتراء، ولم يتعرض أن المشتَرَى دارٌ أو بيعة أو كنيسة؛ لأن الشفعة تجري في الجميع.

وذكر في «المغني» (١٠): اشترى الذمي من ذمي كنيسة أو بيعة، فللشفيع الشفعة، ثم قال: «وهذا الجواب ظاهر فيما إذا كان من دينهم (١١) أن الملك [لا] (١٢) يزول عن المالك بجعله بيعة أو كنيسة، كما يزول الملك في ديننا إذا اتخذنا مسجدًا، إنما يشكل فيما إذا كان من ديانتهم: أن الملك يزول عن المالك بهذا الصنيع؛ لأنه باع ما لا يملك، فلا يجوز بيعه في ديانتهم. ونحن أمرنا ببناء الأحكام على اعتقادهم إلا ما استثني عليهم في عهودهم (١٣).


(١) في (ع): «اللام».
(٢) ينظر: المغرب: ص ٤٤٥، المبسوط: ١٤/ ١٠٣، البناية: ١١/ ٣٣٠.
(٣) في (ع): «ذكره».
(٤) ينظر: المبسوط: ١٤/ ١٠٣، البناية: ١١/ ٣١٧.
(٥) هو الحسن بن أبي مالك، أبو مالك، توفي سنة ٢٠٤ هـ. ينظر: الجواهر المضية: ١/ ٢٠٤.
(٦) ينظر: المبسوط: ١٤/ ١٠٣، العناية: ٩/ ٣٩٦.
(٧) في (ع): «وجه».
(٨) ينظر: المبسوط: ١٤/ ١٠٣.
(٩) ساقطة من: أ، و (ع.
(١٠) المغني: ١٢/ ٢١٣.
(١١) في (ع): «ديانتهم».
(١٢) ساقطة من: (ع).
(١٣) ينظر: المحيط البرهاني: ٧/ ٣١٤.