للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال أهل المدينة: يأخذها بقيمة الدار؛ لأن المبيع مضمون بنفسه، أو بما يقابله من (١) المسمى.

ألا ترى أن في البيع الفاسد لما تعذر وجوب المسمى كان مضمونًا بنفسه، وقد تعذر هاهنا إيجاب المسمى في حق الشفيع؛ لأنه لا مثل له من جنسه، فوجب المصير إلى الضمان الأصلي، وهو قيمة نفسه، ولأن دفع الصور من الجانبين واجب، وإنما يندفع الضرر عن المشتري بوصول قيمة ملكه إليه، وملكه عند الآخر (٢) رقبة الدار.

وحجتنا في ذلك: أن الشفيع يتملك بمثل ما يملك به المشتري، والمثل إما أن يكون من حيث الصورة، وفي (٣) معنى المالية، فإذا كان الثمن مما له مثل من جنسه يأخذه بمثله صورة، وإن كان مما لا مثل له من جنسه يأخذه بمثله في صفة المالية، وهو القيمة، كالغاصب عند تعذر رد العين [برد المثل] (٤) فيما له مثل، والقيمة فيما لا مثل له؛ فإن مات العبد قبل أن يقبضه البائع انتقض الشرى بفوات القبض المستحق بالعقد، فإن العبد معقود عليه، وقد هلك قبل التسليم، وللشفيع أن يأخذ بقيمة العبد عندنا (٥).

وقال زُفر: «ليس له أن يأخذ (٦) بالشفعة؛ لأن العقد قد انتقض من الأصل بهلاك العبد قبل التسليم» (٧).

وحجتنا في ذلك: أن بدل الدار في حق الشفيع قيمة العبد، وهو قادر على أخذها به بعد هلاك العبد كما قبله، وليس في هلاك العبد إلا انفساخ العقد بين البائع والمشتري، وذلك لا يمنع بقاء [حق] (٨) الشفيع على ما بينا، بخلاف استحقاق العبد، فإنه يتبين به أن أصل البيع [لم يكن صحيحًا] (٩)، وأن حقه (١٠) لم يثبت، وإذا باع بثمن مؤجل فللشفيع الخيار إن شاء أخذها بثمن حالٍّ، إلى آخره (١١).

وقال في «الذخيرة» (١٢): «هذا إذا كان الأخذ (١٣) / معلومًا، فأما إذا كان مجهولاً؛ نحو الحصاد، والدياس (١٤)، وأشباه ذلك؛ فقال الشفيع: أنا أعجل الثمن وآخذها، لم يكن له ذلك؛ لأن الشرى بالأجل المجهول فاسد، وحق الشفيع لا يثبت في الشرى الفاسد؛ لأن كونه مؤجلاً وهو (١٥) في الثمن، يقال: دَين مُؤجل، ودين حالٌّ.


(١) في (ع): «في».
(٢) في (ع): «الأخذ».
(٣) في (ع): «أو في».
(٤) ساقطة من: (ع).
(٥) ينظر: المبسوط: ١٤/ ١٢٨، البناية: ١١/ ٣٢٨.
(٦) في (ع): «يأخذها».
(٧) ينظر: المبسوط: ١٤/ ١٢٨، البناية: ١١/ ٣٢٨.
(٨) ساقطة من: (ع).
(٩) ما بين المعكوفين ساقط من: (ع).
(١٠) في (ع): «أصله».
(١١) ينظر: المبسوط: ١٤/ ١٤٨، البناية: ١١/ ٣٢٩، العناية: ٩/ ٣٩٤.
(١٢) ينظر: المحيط البرهاني: ٧/ ٢٧٨، الفتاوى البرهانية: ٥/ ١٧٧.
(١٣) في (ع): «الأجل».
(١٤) الدياس: صقل السيف واستعمال الفقهاء إياه في موضع الدياسة تسامح أو وهم، وأصل الدوس شدة وطء الشيء بالقدم، وبه سمي أبو حي من العرب دوسًا. ينظر: المغرب: ص ١٧٠.
(١٥) في (ع): «وصف».