للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذكر في «الذخيرة» (١) وإذا وهب الشفيع الشفعة، أو باعها من إنسان لا يكون تسليمًا؛ لأن البيع (٢) لم يصادف محله أصلاً قلعًا (٣)، ثم ذكر ما ذكره هذا في «المبسوط» فقال: «وهو أصح، أي: ما ذكره في «المبسوط» أصح، وذكر في الباب الأول من شفعة «الجامع الكبير» للإمام شمس الأئمة السرخسي (٤) (٥): ولا فرق في إسقاط الشفعة بين قول الشفيع: سلمت الشفعة، وبين قوله للبائع: سلمت لك بيع هذه الدار، أو قوله (٦) للمشتري: سلمت لك شراء هذه الدار؛ لأن معنى هذا الكلام لا اعتراض (٧) على مقصودك في هذا العقد، [وذلك لا يكون إلا بعد تسليم الشفعة] (٨)، [ودليل التسليم كصريحه.

ولو قال لأجنبي: سلمت لك شراء هذه الدار لم يكن هذا تسليمًا للشفعة؛ لأن الأجنبي غير مشترٍ، ولا كان له مقصود في هذا العقد] (٩).

وقوله (١٠): سلمت لك شراها -يكون تمليكًا منه، وحق الشفعة لا يحتمل التمليك.

ونظيره: إذا قال للمخيرة: اختارينى بألف (١١)، أي: إذا اختارته لم يثبت العوض، وبطل خياره (١٢)، كذا في «الإيضاح» (١٣).

والكفالة بالنفس في هذا بمنزلة الشفعة في رواية، أي: الكفالة باطلة، والعوض باطل، كما في الشفعة؛ لأن الاعتياض لا يصح، الإسقاط صحيح، فإن صحته لا تتوقف على العوض، وفي الأخرى لا تبطل الكفالة؛ لأن الكفالة في النفس (١٤) بسبب لحصول المال، فشابه الحق في المال في هذا الوجه، فإذا لم يرض ببطلانه مجانًا لم يبطل. كذا في «الإيضاح»» (١٥).


(١) ينظر: المحيط البرهاني: ٧/ ٢٨٦.
(٢) في (ع): «التسليم».
(٣) في (ع) غير واضحة، لعلها: «تامًّا».
(٤) هو: محمد بن أحمد بن أبي سهل، أبو بكر السرخسي، من أهل (سرخس) بلدة في خراسان، ويلقب بشمس الأئمة، كان إمامًا في فقه الحنفية، وعلامة حجة متكلمًا ناظرًا أصوليًّا مجتهدًا في المسائل، أخذ عن الحلواني وغيره، سجن في جبّ بسبب نصحه لبعض الأمراء، وأملى كثيرًا من كتبه على أصحابه وهو في السجن، أملاها من حفظه، توفي سنة ٤٨٣ هـ، من تصانيفه: «المبسوط» في شرح كتب ظاهر الرواية في الفقه؛ و «الأصول» في أصول الفقه، و «شرح السير الكبير» للإمام محمد بن الحسن. ينظر: الفوائد البهية: ص ١٥٨، الجواهر المضية: ٢/ ٢٨، الأعلام للزركلي: ٦/ ٢٠٨.
(٥) ينظر: المحيط البرهاني: ٧/ ٢٨٧.
(٦) في (ع): «وقوله».
(٧) في (ع): «أعوض».
(٨) ما بين المعكوفين مضروب عليه في (ع).
(٩) ما بين المعكوفين ساقط من: (ع).
(١٠) في (ع): «قوله» بدون الواو.
(١١) في (ع): «اختاري ألف».
(١٢) في (ع): «خيارها».
(١٣) ينظر: تبيين الحقائق: ٥/ ٢٥٧، العناية: ٩/ ٤١٦، البناية: ١١/ ٣٧٢، ٣٧٣.
(١٤) في (ع): «بالنفس».
(١٥) ينظر: البناية: ١١/ ٣٧٣، العناية: ٩/ ٤١٦.