للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولكنا نقول: إنما أسقط حقه بشرط أن يكون الثمن ألف درهم؛ لأنه بنى تسليمه على ما أخبر به، والخطاب السابق كالمعاد فيما ينبني عليه من الجواب، فكأنه قال: سلمت إن كان الثمن ألفًا، وإنما أقدم على هذا التسليم لغلاء الثمن، أو لأنه لم يكن متمكنًا من تحصيل الألف، ولا يزول هذا المعنى إذا كان الثمن أكثر من ألف، بل يزداد، فأما إذا كان الثمن أقل من الألف، فقد انعدم المعنى الذي لأجله كان رضي بالتسليم فيكون على حقه.

ولو أخبر أن الثمن شيء مما يُكال أو يُوزن فسلم الشفعة، وإذا الثمن من صنف آخر أقل مما سمى له، أو أكثر فهو على شفعته؛ لأن الإنسان [قد] (١) يتيسر عليه تحصيل جنس دون جنس، وكان هذا التقييد مفيدًا في حقه، فكأنه قال: سلمت إن كان الثمن كذا من شعير، وإذا ظهر [أن] (٢) الثمن كر من حنطة فهو على حقه.

وكذلك لو أخبر أن الثمن عبد أو ثوب أو جارية، ثم ظهر أنه كان مكيلاً أو موزونًا فهو على شفعته؛ لأن فيما له مِثل من جنسه الشفيع يأخذ بمثل لما (٣) اشتراه المشتري، وفيما لا مثل له يأخذ لقيمته دراهم، وقد يتيسر عليه/ تحصيل الجنس من المكيل والموزون، ويتعذر عليه تحصيل الدراهم، فكان هذا التقييد مفيدًا في حقه.

وفي «الإيضاح» (٤): «ولو أخبر أنها بيعت بألف، ثم تبين أنها بيعت بمكيل أو موزون أو معدود غير متفاوت، فالشفعة قائمة؛ لأن الواجب تسليم مثل ما وقع به العقد، وقد يتعذر عليه ذلك، وقد يتيسر، فاختلف الغرض، فبهذا كله يعرف قيود ما ذكر في لفظ الكتاب، فإنه قال: «ثم علم أنها بيعت بأقل أو بحنطة أو بشعير قيمتها ألف أو أكثر [فتقييده بقوله: قيمتها ألف أو أكثر] (٥) غير مفيد، فإنه لو كانت قيمتها أقل مما اشترى من الدراهم كان تسليمه باطلاً أيضًا؛ لأن إطلاق ما ذكره في «المبسوط» و «الإيضاح» دليلٌ عليه حيث قال في «المبسوط» (٦): «وكذلك لو أخبر أن الثمن عبد أو ثوب، ثم ظهر أنه كان مكيلاً أو موزونًا فهو على شفعته»، ولم يتعرض أن قيمة المكيل والموزون أقل من قيمة الذي اشتراها به أو أكثر، وكذلك تعليله دال عليه.

وكذلك ما ذكره في «الإيضاح» من الإطلاق والتعليل دال (٧) عليه، وهكذا أيضًا استدل في «الذخيرة» بما ذكره في «المبسوط» (٨)، وقال (٩): «فلو أخبر أن الثمن شيء هو من ذوات القيم فسلَّم، ثم ظهر أنه كان مكيلاً أو موزونًا فهو على شفعته. هكذا ذكره شمس الأئمة السرخسي، ثم قال (١٠): «فعلى هذا القياس لو أخبر أن الثمن ألف درهم وإذا (١١) ظهر أنه مكيل أو موزون فهو على شفعته على كل حال.


(١) زيادة من: (ع).
(٢) زيادة من: (ع).
(٣) في (ع): «ما».
(٤) ينظر: بدائع الصنائع: ٥/ ٢٠.
(٥) ما بين المعكوفين ساقط من: (ع).
(٦) ينظر: المبسوط: ١٤/ ١٠٥.
(٧) في (ع): «دل».
(٨) ينظر: المبسوط: ١٤/ ١٠٥.
(٩) ينظر: البناية: ١١/ ٣٨٠.
(١٠) ينظر: المبسوط: ١٤/ ١٠٥، الفتح القدير: ٩/ ٤١٩.
(١١) في (ع): «فإذا».