للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم قوله: (ثم علم أنها بِيعت بأقل فتسليمه باطل) يدل على أنه لو علم أنها بيعت بأكثر من الألف كان تسليمه صحيحًا، كما لو علم أنها بيعت بألف- كما أخبر- كان تسليمه صحيحًا؛ لأن الرضا بالتسليم بألف يكون رضا بالتسليم بأكثر من الألف. كذا في «الذخيرة»» (١).

قوله (٢): (بخلاف ما إذا علم أنها بيعت بعرض قيمته ألف أو أكثر)، أي: تسليمه ليس بباطل، يعني: إذا بلغ الشفيع أنها بيعت بألف درهم، فسلم الشفعة ثم علم أنها بيعت بعبد قيمته ألف أو أكثر كان تسليمه صحيحًا، وكان هذا بمنزلة من أخبر أنها بيعت بألف فسلم، ثم علم أنها كانت كذلك بيعت بألف أو أكثر كان تسليمه صحيحًا، على ما ذكرنا، فكذا هنا هو الذي ذكره هو اختيار شيخ الإسلام حيث قال في «الذخيرة»: «ولو أخبر أن الثمن شيء من ذوات القيم فسلم، ثم ظهر أنه شيء آخر من ذوات القيم بأن أخبر أن الثمن دار فإذا الثمن عبد، فجواب محمد -رحمه الله- أنه على شفعته من غير فصل (٣).

قال شيخ الإسلام: «هذا الجواب صحيح فيما إذا كان قيمة ما ظهر أقل من قيمة ما أخبر، وغير صحيح فيما إذا كان قيمة ما ظهر مثل قيمة ما أخبر؛ لأن الثمن إذا كان من ذوات القيم فالشفيع إنما يأخذ الدار بقيمة الثمن دراهم أو دنانير، فكأنه أخبر أن الثمن ألف درهم أو مائة دينار فسلم، ثم ظهر أن الثمن مثل ما أخبر أو أكثر، وهناك كان التسليم صحيحًا، ولا شفعة له، ولو ظهر أنه أقل مما أخبر كان على شفعته، كذا هاهنا، ولو كان على العكس بأن أخبر أن الثمن عبد قيمته ألف أو ما أشبه ذلك من الأشياء التي هي من ذوات القيم ثم ظهر أن الثمن دراهم أو دنانير، فجواب محمد أنَّه على شفعته من غير فصل (٤).

بعض مشايخنا قالوا: هذا الجواب محمول على ما إذا كان ما ظهر أقل من قيمة ما أخبر؛ أما إذا كان مثل قيمة ما أخبر أو أكثر فلا شفعة له (٥).

ومنهم من قال: هذا الجواب صحيح على الإطلاق بخلاف المسألة المتقدمة؛ لأنه وإن كان يأخذ بالقيمة فقد يصير مغبونًا في ذلك؛ لأن تقويم الشيء بالظن يكون، وإنما سلم حتى لا يصير مغبونًا، وهذا المعنى ينعدم إذا كان الثمن دراهم (٦).


(١) ينظر: المحيط البرهاني: ٧/ ٢٨٨، البناية: ١١/ ٣٧٩.
(٢) في (ع): «وقوله».
(٣) ينظر: المبسوط: ١٤/ ١٠٥، المحيط البرهاني: ٧/ ٢٨٨.
(٤) ينظر: المحيط البرهاني: ٧/ ٢٨٩.
(٥) ينظر: المصدر السابق: ٧/ ٢٨٩.
(٦) ينظر: المصدر السابق: ٧/ ٢٨٩.