للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال زفر (١): «له الشفعة لاختلاف الجنس، ولهذا حل التفاضل (٢) بينهما، وكأنه قال: سلمت إن كان الثمن ألف درهم، فإذا تبين أن الثمن دنانير فهو على شفعته، كما في المكيلات والموزونات، ولكنا نقول: الدراهم والدنانير جنسان صورة، ولكنهما جنس واحد في المعنى والمقصود، وهو المالية والثمنية، ومبادلة أحد النقدين بالآخر يتيسر في العادة، ولا يتقيد رضاه بالصورة، وإنما يتقيد بالمعنى، وهو مقدار المالية فيكون تسليمه صحيحًا. هكذا ذكر في الاختلاف في «المبسوط» (٣) و «الإيضاح».

وذكر الاختلاف في «الأسرار بين علمائنا الثلاثة» وقال: «إذا قيل للشفيع: الشرى (٤) / بألف درهم فسلم، فإذا [هو] (٥) بدنانير تساوي ألفًا كان له أن يطلب عند أبي حنيفة ومحمد [رحمهما الله] (٦)، وقال أبو يوسف [رحمه الله] (٧): «يطلب شفعته استحسانًا؛ لأنهما جنس واحد في التجارات، وضمانها وجه القياس: أن الإنسان قد يتيسر عليه الشراء بأحدهما دون الآخر فالرضا بأحدهما لا يدل على الرضا بالآخر، وإن كان الجنس واحدًا، فإنه لو رضي بدراهم جياد، فإذا هي غلة كان له الطلب» (٨).

وهكذا أيضًا ذكر في «الذخيرة» حيث جعل قول أبي حنيفة مثل قول زفر، وجعل قول أبي يوسف مثل قولنا المذكور في الكتاب، ثم قال: «وجه قول أبي يوسف الدراهم والدنانير اعتبرت أجناسًا واحدة في أكثر الإيجاب (٩) حتى يكمل نصاب أحدهما بالآخر، والمكره على البيع بالدراهم مكره على البيع بالدنانير، وإذا باع شيئًا بدراهم، ثم اشترى بأقل مما باع بالدنانير لا يجوز، كما لو اشترى بالدراهم ورب الدَّيْن إذا ظفر بدنانير المديون وحقه في الدراهم له أن يأخذه، ومال المضاربة إذا جاز دنانير عمل نهي رب المال فيه، كما لو صار دراهم، وإنما اعتبرا جنسين في حق الربا [حتى] (١٠) جاز بيع أحدهما بالآخر متفاضلاً، وفي [حق] (١١) الإجارة حتى إذا استأجر بعشرة، ثم أجره بدنانير طاب له، وإن كانت قيمة الدنانير أكثر من عشرة دراهم، كما لو أجره وقد استأجره بحنطة فترجح ما يوجب المجانسة بحكم الكثرة إلحاقًا بالأعم الأغلب، فكان التسليم بالدراهم [تسليمًا بالدنانير] (١٢) إذا كانت قيمة الدنانير مثل الدراهم أو أكثر (١٣).


(١) ينظر: المبسوط: ١٤/ ١٠٦.
(٢) في (ع): «الفاضل».
(٣) ينظر: المبسوط: ١٤/ ١٠٦.
(٤) في (ع): «المشتري».
(٥) زيادة من: (ع).
(٦) زيادة من: (ع).
(٧) زيادة من: (ع).
(٨) ينظر: البناية: ١١/ ٣٨١.
(٩) في (ع): «الإجابات» أو «الإيجابات».
(١٠) زيادة من: (ع).
(١١) زيادة من: (ع).
(١٢) ما بين المعكوفين ساقط من: (ع).
(١٣) ينظر: المحيط البرهاني: ٧/ ٢٨٩، ٢٩٠.