للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأبو حنيفة -رحمه الله (١) - يقول (٢): «الدراهم والدنانير اعتبرا جنسين مختلفين في الأخبار حتى إن الإكراه على الإقرار بالدراهم لا يكون إكراهًا على الإقرار بالدنانير، وفي بعض الإيجابات اعتبرا جنسًا واحدًا.

وفي مسألتنا: إخبار وإيجاب؛ لأن تسليم الشفعة إن كان إيجابًا إلا أن التسليم بناء على الإخبار؛ لأنه أخبر أن الثمن كذا [فإذا] (٣) في أحد النوعين، وهو الإخبار اعتبرا جنسين مختلفين، وفي النوع الآخر وهو الإيجاب اعتبرا جنسين مختلفين في حق بعض الأحكام فترجح ما يوجب اختلاف الجنس، فصار كالحنطة مع الشعير، ثم علم أنه غيره فله الشفعة؛ لتفاوت الجواب، وحق الشفعة ما [ثبت إلا لهذا] (٤)، فالرضا بجواز أحدهما لا يكون رضا بجواز الآخر؛ لأن التسليم لضرر الشركة، ولا شركة؛ لأنه إذا سلم (٥) في النصف، فقد احترز عن ضرر الشركة، فإذا تبين أنه لا شركة بقي حقه. كذا في «الإيضاح».

والأولى في التعليل هنا ما علل به في «المبسوط»، وقال (٦): «لأنه [إذا] (٧) سلم (٨) [في] (٩) النصف، وكان حقه في أخذ الكل، والكل غير النصف، فلا يكون إسقاطه إسقاطًا للكل، وفي عكسه: لا شفعة، وهو أنه لو أخبر ببيع الكل فسلم، ثم علم أنه إنما اشترى النصف فلا شفعة له؛ لأن من ضرورة تسليم الكل تسليم النصف الذي هو حقه يوضح الفرق أن الانتقاض لا يرغب فيها كما يرغب في الحمل، وإنما سلم حين أخبر بشرى النصف؛ لأنه [لم] (١٠) يرغب فيه مع عيب الشركة، فهو على حقه إذا تبين أنه لم يكن معينًا.

وأما إذا سلم ولم يرغب في الأخذ بدون عيب الشركة، وأولى أن لا يكون راغبًا فيه مع عيب الشركة.

وقوله: (في ظاهر الرواية) احتراز عن عكس هذا الجواب، وهو ما ذكره ابن الثمر ابن جدار (١١) عن أبي يوسف على ضد هذا، قال: «إذا أخبر بشرى النصف فسلم ثم علم (١٢) أنه اشترى الجميع فلا شفعة له، وإذا أخبر بشرى الجميع فسلم، ثم علم أنه اشترى النصف فله الشفعة؛ لأنه قد يتمكن من تحصيل ثمن النصف، ولا يتمكن من تحصيل ثمن الجميع، وقد يكون حاجته إلى النصف ليتم به مرافق ملكه، ولا يحتاج إلى الجميع. كذا ذكر في الباب الأول من شفعة «المبسوط»» (١٣).


(١) في (ع): «رضي الله عنه».
(٢) ينظر: المحيط البرهاني: ٧/ ٢٩٠.
(٣) كذا، وفي (ع) ساقطة.
(٤) في (ع): «أثبت لهذا».
(٥) في (ع): «أسلم».
(٦) ينظر: المبسوط: ١٤/ ١١١.
(٧) زيادة من: (ع).
(٨) في (ع): «أسلم».
(٩) زيادة من: (ع).
(١٠) زيادة من: (ع).
(١١) في (ع): «النمر بن حدار»، ولم أجد له ترجمة.
(١٢) في (ع): «على».
(١٣) ينظر: المبسوط: ١٤/ ١١١.