للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلت: جوابه أن الجهالة في الرقيق جهالة فاحشة، كجهالة الجنس إلا أن تلك الجهالة غير مانعة لأجل التسمية في النكاح؛ لأن تلك الجهالة المتفاحشة موجودة بين أنواع مهر المثل فلم (١) لم يفسد (٢) اعتبار تلك الجهالة، وإن فحشت لم يعتبر ما دونه من الجهالة فيه أيضًا، والحجة الظاهرة لأبي حنيفة -رحمه الله (٣) - ما قاله أصحابنا جميعًا فيمن دفع إلى آخر ألف درهم مضاربة، فاشترى المضارب [بهما] (٤) عبدين كل واحد منهما يساوي ألفًا أن عتق المضارب لا ينفذ، ولو كان يجب القسمة جميعًا لصار الربع من كل عبد للمضارب، وكان ينفذ عتقه كما إذا كان عبدًا واحدًا قيمته ألفان، وكذلك لا يلزمه الزكاة في/ نصيبه، ولو اعتبر جنسًا واحدًا لوجب كما إذا اشترى أغنامًا تساوي ألفين فإن الزكاة تلزم في نصيبه بحيث قالوا بأنه لا يملك شيئًا من [العبدين تبين أنه يعتبر كل عقد على حدة كان ليس معه غيره في حق إثبات الشركة سهمًا، وعند ذلك لا يفصل شيء من] (٥) العبيد عن رأس المال، فلم يثبت له ملك، فكانت هذه المسألة ناقصة، كما قالا. هذا كله مما ذكره في «المبسوط» و «الأسرار» فلا يقسم القاضي بخلاف الراضي (٦) لما بينا إشارة إلى ما ذكره في أوائل هذا الفصل بقوله: (وإن كان كل واحد يستضر لصغره لم يقسمها إلا بتراضيهما؛ لأن الجبر على القسمة لتكميل المنفعة)، إلى آخره.

القراح من الأرض: كل قطعة على حيالها ليس فيها شجر ولا شائب صح (٧)، وقد يجمع على أقرحة، كمكان وأمكنة، وزمان وأزمنة. كذا في «المغرب» (٨).

وذكر في «المبسوط»: وإذا كانت الدور بين قوم فأراد أحدهم أن يجمع نصيبه منها في دار واحدة، وأبى ذلك بعضهم قسم القاضي كل دار بينهم على حدة، ولم يضم بعض أنصبائهم إلى بعض إلا أن يصطلحوا على ذلك في قول أبي حنيفة (٩).

وقال أبو يوسف ومحمد رحمهما الله: الرأي في ذلك إلى القاضي (١٠).

وينبغي أن ننظر (١١) في ذلك؛ فإن كانت أنصباء أحدهم إذا جمعت في دار كان أعدل للقسمة جمع ذلك؛ لأن المعتبر في القسمة المعادلة في المنفعة والمالية، والمقصود دفع الضرر، وإذا قسم [كل دار على حدة ربما يتضرر كل واحد منهم ليفرز نصيبه، وإذا اقتسم] (١٢) الكل قسمة واحدة يجمع نصيب كل واحد منهم [في دار] (١٣)، وينتفع بذلك، والقاضي يصيب ناظرًا، ويمضي قضاؤه على وجه يرى النظر فيه فيعوض الترجيح إلى القاضي [والرأي] (١٤) في ذلك [إلى القاضي] (١٥) إن رأى النظر في أن يقسم كل دار على حدة فعل، وإن رأى أن يقسم جملة فعل. كذا في «الفتاوى الظهيرية» (١٦) (١٧)، ثم هي ثلاثة فصول عند أبي حنيفة [رحمه الله] (١٨): الدور والبيوت والمنازل، والدور سواء كانت متفرقة أو متلازقة لا تقسم عنده قسمة واحدة إلا برضا الشريك، والبيوت تقسم قسمة واحدة سواء كانت متفرقة أو مجتمعة في مكان واحد؛ لأنها تتفاوت في معنى السكنى، والبيت اسم لسقف واحد له دهليز، فلا يتفاوت في المنفعة عادة.


(١) في (ع): «فلما»، وهو الصحيح.
(٢) في (ع): «يفيد».
(٣) في (ع): «رضي الله عنه».
(٤) زيادة من: (ع).
(٥) ما بين المعكوفين ساقط من: (ع).
(٦) في (ع): «التراضي».
(٧) في (ع): «شيخ».
(٨) ينظر: المغرب: ص ٣٧٧.
(٩) ينظر: المبسوط: ١٥/ ١٧.
(١٠) ينظر: المصدر السابق: ١٥/ ١٧.
(١١) في (ع): «ينظر».
(١٢) زيادة من: (ع).
(١٣) زيادة من: (ع).
(١٤) زيادة من: (ع).
(١٥) زيادة من: (ع).
(١٦) الفتاوى الظهيرية، لظهير الدين أبي بكر محمد بن أحمد القاضي، المحتسب ببخارى، البخاري الحنفي (تـ ٦١٩ هـ)، ذكر فيها: أنه جمع كتابًا من الواقعات والنوازل، مما يشتد الافتقار إليه، وفوائد غير هذه. ينظر: كشف الظنون: ٢/ ١٢٢٦.
(١٧) ينظر: المبسوط: ١٥/ ١٧.
(١٨) زيادة من: (ع).