للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال صاحباه: يقسم ويجبرهم على القسمة. كذا في «فتاوى قاضي خان» (١).

والحاصل: أن عند أبي حنيفة لا يجوز الإجبار على قسمة الماء (٢) [إلا] (٣) أن يكون مع الرقيق شيء آخر هو (٤) محل لقسمة الجمع [بكل] (٥)؛ كالغنم والثياب، فيقسم القاضي [الكل] (٦) قسمة جمع.

وكان أبو بكر الرازي يقول: تأويل هذه المسألة: أنه يقسم ذلك برضا الشركاء، فأما مع كراهة بعضهم فالقاضي لا يقسم؛ لأنه إذا كان عند اتحاد الجنس في الرقيق لا يقسم قسمة الجبر عند أبي حنيفة فعند اختلاف الجنس أولى، والأظهر أن قسمة الجبر تجري هاهنا عند أبي حنيفة باعتبار أن الجنس الآخر الذي هو مع الرقيق يجعل أصلاً في القسمة، وحكم القسمة جبرًا يثبت فيه، فثبت في الرقيق أيضًا تبعًا، وقد ثبت حكم العقد في الشيء بيعًا، وإن كان لا يجوز إثباته مقصودًا، كالشرب، والطريق في البيع، والمنقولات في الوقف (٧). [كذا في «المبسوط» (٨) و «الذخيرة» (٩) (١٠).

وله: أن التفاوت في الآدمي فاحش؛ لتفاوت المعاني الباطنة كالدهن والكياسة. كذا في «المبسوط» (١١) و «الذخيرة» (١٢)؛ لأن من العبد من يصلح للأمانة، ومنهم من يصلح للتجارة، ومنهم من يصلح للفروسية والخياطة والكتابة، فمتى جمع نصيب كل واحد منهم في واحد فاتَهُ سائر المنافع، فلم يكن ذلك قسمة وإفرازًا فلم يصر مستحقه كقسمة الحمام والأجناس المختلفة، ألا ترى [أن] (١٣) الذكر والأنثى من بني آدم جنسان، ومن الحيوانات جنس واحد حتى إذا اشترى شقصًا على أنه عبد فإذا هو جارية بخلاف سائر الحيوانات أي: لا ينعقد العقد في الأول وفي الثاني ينعقد.

فإن قلت: ما جواب أبي حنيفة عما لو (١٤) قالا: إن الرقيق كسائر الحيوانات في سائر العقود، ألا ترى التأنيث (١٥) في الذمة مهرًا، ولا يثبت سلمًا، فيجب أن يجعل في القسمة أيضًا كسائر الحيوانات، وهذا لأنه لو تزوج امرأة على عبد صحت التسمية، ولو كانت الجهالة جهالة فاحشة لما صحت، كما إذا تزوج امرأة على ثوب أو حيوان.


(١) ينظر: العناية: ٩/ ٤٣٧، البناية: ١١/ ٤٢٢.
(٢) في (ع): «الرقيق».
(٣) ساقطة من: (ع).
(٤) في (ع): «فهو».
(٥) ساقطة من: (ع).
(٦) ساقطة من: (ع).
(٧) ينظر: المبسوط: ١٥/ ٣٧.
(٨) ينظر: المصدر السابق: ١٥/ ٣٧.
(٩) ينظر: حاشية ابن عابدين: ٦/ ٢٦١.
(١٠) زيادة من: (ع).
(١١) ينظر: فتح القدير: ٩/ ٤٣٦.
(١٢) ينظر: العناية: ٩/ ٤٣٧.
(١٣) زيادة من: (ع).
(١٤) في (ع): «إن».
(١٥) في (ع): «أنها تثبت»، وهو الصواب. ينظر: المبسوط: ١٥/ ٣٦.