للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في «فتاوى قاضي خان» (١) ثلاثة نفر بينهم أرض لأحدهم عشرة أسهم، وللثاني خمسة أسهم، وللثالث سهم واحد، فأرادوا قسمتها، وأراد صاحب العشرة الأسهم أن تقع [بين] (٢) سهامه متصلة في موضع واحد، ولا يرضى بذلك الذي له سهم واحد قسمت الأراضي بينهم متصلة كانت أو متفرقة على قدر سهامهم؛ عشرة لواحد، وخمسة لآخر، وسهم للثالث، ويجعل الأراضي [على] (٣) عدد سهامهم، يعني ستة عشر سهمًا بعد أن عدلت وسويت، ثم يجعل بنادق سهامهم على عدد سهامهم، [ويقرع] (٤) بينهم البندقة طينة مدورة، [يرمي] (٥) يعني: يكتب أسامي أصحاب السهام في كاغده ثم يجعل هي في البندقة، فأول بندقة تخرج توضع على طرف من أطراف السهام، وهو أول السهام، ثم ينظر إلى البندقة لمن هي؟ فإن كانت لصاحب العشرة من البنادق العشرة يعطى له ذلك وتسعة أسهم متصلة بالسهم الذي وضع البندقة عليه، فيكون سهام صاحبها على الاتصال، ثم يقرع بين الستة كذلك، فأول بندقة تخرج توضع على طرف من أطراف الستة الباقية، ثم ينظر إلى البندقة لمن هي؟ فإن كانت لصاحب الخمسة من البنادق الخمسة يعطى له ذلك السهم وأربعة أسهم متصلة بذلك السهم، ويبقى السهم الواحد لصاحب الواحد، وإن كانت هي البندقة لصاحب الواحد كان له الطرف الذي وضع عليه البندقة، وتكون الخمسة الباقية لصاحب الخمسة.

(والقرعة لتطييب القلوب) إلى آخره، هذا جواب الاستحسان [عن وجه القياس.

وقال في «المبسوط»: «واستعمال القرعة للقاسم لا بأس به، وهو استحسان» (٦).

وفي القياس هذا لا يستقيم؛ لأنه في معنى القمار، فإنه تعليق الاستحقاق] (٧) بخروج القرعة، والقمار حرام.

ولهذا لم يجوِّز علماؤنا استعمال القرعة في دعوى النسب، ودعوى الملك، وتعين العتق (٨)، ثم هذا في معنى الاستقسام بالأزلام الذي كان يعتاده أهل الجاهلية، وقد حرم الله تعالى ذلك، ونص على أنه رجس وفسق، ولكنا تركنا هذا بالسنة، والتعامل الظاهر من لدن رسول الله -عليه السلام- إلى يومنا هذا من غير نكير منكر.

ثم هذا ليس في معنى القمار، ففي القمار أصل الاستحقاق يتعلق بما يستعمل فيه، وفي هذا الموضع أصل الاستحقاق لكل واحد منهم لا يتعلق بخروج القرعة؛ لأن القاسم (٩) لو قال: أنا عدلت في القسمة فخذ أنت هذا الجانب، وأنت هذا الجانب كان مستقيمًا إلا أنه ربما يتهم في ذلك، فيستعمل القرعة لتطيب قلوب الشركاء، ونفي تهمة المثل عن نفسه، وذلك جائز.


(١) ينظر: فتاوى قاضي خان: ٣/ ٧٠.
(٢) ساقطة من: (ع).
(٣) زيادة من: (ع).
(٤) ساقطة من: (ع).
(٥) ساقطة من: (ع).
(٦) ينظر: المبسوط: ١٥/ ٧.
(٧) ما بين المعكوفين ساقط من: (ع).
(٨) في (ع): «الحق».
(٩) في (ع): «القاضي».