للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بخلاف الإجارة، وقد أورد مسألة الإجارة شبهة في «المبسوط» بعد ذكر الفرق بين البيع والقسمة في دخول الطريق والمسيل في البيع بذكر الحقوق في الصورتين بخلاف القسمة على ما ذكرنا، فقال (١): فإن قيل: فعلى هذا ينبغي أن يدخل الطريق والمسيل وإن لم يذكر الحقوق والمرافق لتصحيح القسمة (٢)، [كما إذا استأجر أرضًا دخل الشرب والطريق وإن لم يذكر الحقوق والمرافق لتحصيل المنفعة] (٣).

قلنا: هناك موضع الشرب والطريق ليس مما تناوله الإجارة، ولكن مرسل (٤) به إلى الانتفاع بالمستأجر، والآجر إنما يستوعب الأجر إذا تمكن المستأجر من الانتفاع، ففي إدخال الشرب توفير المنفعة عليهما، [فأما] (٥) هاهنا فموضع الطريق والمسيل داخل في القسمة، بموجب القسمة اختصاص كل واحد منهما بما هو نصيبه، فلو أثبتنا لأحدهما حقًّا في نصيب الآخر تضرر به الآخر، ولا يجوز إلحاق الضرر به بدون رضاه، وإنما دليل الرضا اشتراطه الحقوق و المرافق، فلهذا لا يدخل الطريق والمسيل بدون ذكر الحقوق.

ولو اختلفوا، أي: الورثة قبل القسمة في رفع الطريق بينهم، المراد من الرفع هو أن لا يدخلوا الطريق في القسمة حتى يبقى مشتركًا كما كان لتحقق الإقرار بالكلية دونه، أي: دون [أي] (٦) رفع الطريق، أي: من غير رفع الطريق جعل على عرض باب الدار؛ لأن باب الطريق متفق عليه، والمختلف فيه يرد إلى المتفق عليه، ثم لا فائدة في جعل الطريق أعرض من باب الدار؛ لأنه ما لم يدخل الجمل من باب الدار لا يحمله في ذلك الطريق، وإذا جعل الطريق أضيق من باب الدار يتضرر به الشركاء، ومقصود كل واحد منهم أن يحمل إلى مسكنه في ذلك الطريق ما يدخله في باب الدار، فلهذا يجعل الطريق بينهم على عرض باب الدار وطوله. كذا في «المبسوط» (٧).

ثم المراد من طول الطريق هو الطول من حيث الأعلى، لا طوله من حيث المشي. هكذا ذكره شيخ الإسلام في «مبسوطه»، وقال (٨): «ولم يرد محمد بذكر الطول الطول الذي هو ضد العرض؛ لأن ذلك الطول إنما يكون إلى حيث ينتهون/ بها إلى الطريق الأعظم.

وفائدة قسمة ما وراء طول الباب من الأعلى هي أن أحد (٩) الشركاء إذا أراد أن يخرج جناحًا في نصيبه إن كان فوق طول الباب كان له ذلك؛ لأن الهواء فيما زاد على طول الباب مقسوم بينهم، فصار بانيًا (١٠) على خالص حقه، وإن كان فيما دون طول الباب يمنع من ذلك؛ لأن قدر طول الباب من الهواء مشترك فيما بينهم، والبناء على الهواء المشترك لا يجوز من غير رضا الشركاء.


(١) ينظر: المبسوط: ١٥/ ١٥.
(٢) في (ع): «الشفعة».
(٣) ما بين المعكوفين ساقط من: (ع).
(٤) في (ع): «يتوسل».
(٥) ساقطة من: (ع).
(٦) ساقطة من: (ع).
(٧) ينظر: المبسوط: ١٥/ ٢٠.
(٨) ينظر: البناية: ١١/ ٤٣٩.
(٩) في (ع): «يأخذ».
(١٠) في (ع): «بابًا».