للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ولو أبرأه الغرماء بعد القسمة، أو أداه الورثة [من] (١) مالهم والدين محيط جازت القسمة.

وكذلك لو ظهر الموصى له بالألف المرسلة أو أدى الورثة الألف المرسلة جازت قسمتهم على ما كان (٢).

فإن قلت: ما الفرق بين هذا وبين ما إذا ظهر الوارث أو الموصي بالثلث أو الربع بعد القسمة، فقالت الورثة: نحن نقضي حق الموصى له بالثلث [أو الربع] (٣) أو حق الوارث الذي ظهر لهم من مالنا، ولا ننقض القسمة، ليس لهم ذلك إلا أن يرضى الوارث الذي ظهر والموصى له بالثلث، بخلاف الغريم والموصى به بالألف المرسلة، فإن الورثة لو قالوا: نحن نقضي حقهما من مالنا، ولا تنقض القسمة، فلهم ذلك.

قلت: الفرق بينهما هو أنا نعتبر الانتهاء في المسألتين جميعًا بالابتداء، وفي الابتداء القسمة إذا أراد (٤) أن يقتسموا [التركة فيما بينهم] (٥)، ويعطوا حق الوارث والموصى له بالثلث أو بالربع من مالهم ليس لهم ذلك إلا برضا الوارث والغريم؛ لأن حقهما في عين التركة/ فلا ينقل إلى مال آخر إلا برضاهما، فكذا في الانتهاء، وأما لو أرادوا أن يقسموا التركة، ويعطوا حق الغريم والموصى له بألف مرسلة من مالهم كان لهم ذلك؛ لأن حقهما في معنى (٦) التركة، وهو المالية لا في عين التركة، وفيما يرجع إلى المالية بالتركة ومال الوارث سواء، فكذا في الانتهاء.

وعن هذا قالوا: إذا كان للميت مال آخر لم يدخل في القسمة ليس للغريم ولا للموصى له بألف مرسلة حتى يقضي القسمة، بل يعطى حقهما من المال الذي لم يدخل تحت القسمة. كذا في «الذخيرة» (٧).

ولو ادَّعى أحد المتقاسمين دينًا في التركة صح دعواه، أي: لو ادعى أحد الورثة بعدما قسمت التركة فيما بينهم أن لي على الميت دينًا كذا كذا دينارًا أو درهمًا صح.

بخلاف ما إذا ادعى عينًا من أعيان التركة، فإنه كان لي كنت اشتريته من الميت حال حياته لا يصح دعواه.

والفرق بينهما: هو أنه في دعوى العين مناقض لإقدامه على قسمة هذا العين إقرار منه بصحة هذه القسمة في هذا العين ولا تصح القسمة فيه بين (٨) الورثة لو كان ملكًا لهذا الوارث، فكان الإقدام على القسمة إقرارًا منه أن هذا [الدين] (٩) ليس لي، فبعد ذلك بدعواه أنه له يصير مناقضًا، وأما في دعوى الدين فهو غير مناقض؛ لأن القسمة صحيحة مع قيام الدين، لما ذكرنا أن حق القديم في مالية التركة لا في عينها إلا أن للغريم حق نقض القسمة فإذا لم يكن فيه مناقضًا كان دعواه صحيحة، ثم له أن ينقض القسمة وإن باشرها؛ لأن مباشرة القسمة لا يكون أعلى حالاً من إجازة القسمة نصًّا، والغريم إذا أجاز القسمة ثم أراد نقضها فله ذلك، فهاهنا أولى. كذا في «الذخيرة» (١٠)، [والله أعلم] (١١).


(١) ساقطة من: (ع).
(٢) في (ع): «كانت».
(٣) زيادة من: (ع).
(٤) في (ع): «أرادوا».
(٥) ساقطة من: (ع).
(٦) في (ع): «عين».
(٧) البناية: ١١/ ٤٥٨، ٤٥٩، تبيين الحقائق: ٥/ ٢٧٥.
(٨) في (ع): «من».
(٩) ساقطة من: (ع).
(١٠) المحيط البرهاني: ٧/ ٣٦٩.
(١١) زيادة من: (ع).