للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والتهايؤ في الخدمة جوز ضرورة. هذا جواب إشكال يرد على قوله: (لأن التفاوت في أعيان الرقيق أكثر) إلى آخره.

فإن قيل: لو كان التعليل بالتفاوت في أعيان الرقيق معوّلاً عليه لما جاز ذلك في الاستخدام، بل يجوز التهايؤ في استخدام العبد الواحد بالاتفاق في جميع الروايات، وفي العبدين على الأصح، على ما مَرَّ؛ لإمكان قسمتها، أي: لإمكان قسمة العلو (١) لكونها، أي: لكون الغلة عينًا؛ لأنها دراهم أو دنانير، وفي بعض النسخ: لكونه على تأويل الآجر، أو بدل الإجارة، أي: لا حاجة للشريكين في العبد الواحد، أو في العبيد إلى التهايؤ في الاستغلال الذي هو مفوت (٢) للمعادلة على ما ذكر؛ لأنه يمكن استغلالها إياه على طريق الشركة، ثم يقسمان ما حصل من غلة العبد من الدراهم أو الدنانير.

والوجه ما بيناه في الركوب، وهو قوله: (وعندهما يجوز اعتبارًا بقسمة الأعيان، وله أن الاستغلال يتفاوت) إلى آخره.

وهذه أعيان باقية ترد القسمة عليها عند حصولها، فلا يجوز المهايأة لذلك.

فإن قلت: يشكل على هذا التهايؤ في ألبان الجاريتين، وهو أن تكون الجاريتان بين رجلين، ولهما لبن تهايأ الشريكان على أن ترضع هذه ابن هذا سنتين، وترضع هذه ابن هذا سنتين، [وكان] (٣) جائزًا مع أن ألبانهما أيضًا أعيان، ولم تجوّز المهايأة في ألبان البقر بعلة أنها أعيان، والمسألة في «المنتقى» (٤) (٥).

قلت: لأن ألبان بني آدم لا قيمة لها إلا عند العقد بطريق التبعية، على ما مر في الإجارات، فجرت مجرى المنافع والمهايأة إنما تكون في المنافع، فلذلك جاز فيها المهايأة.

[وأما ألبان البقر والإبل والغنم فلها قيمة، فكانت أعيانًا على حقيقتها فلم يجز فيها المهايأة] (٦)، إلى هذا أشار في «الذخيرة» (٧).

وفيها: أيضًا أمة بين رجلين خاف كل واحد منهما صاحبه عليها، فقال أحدهما: تكون عندك يومًا، وعندي يومًا، وقال الآخر: بل نصفها على يدي عدل، فإني أجعلها عند كل واحد منهما يومًا، ولا أضعها على يدي عدل.


(١) في (ع): «الغلة».
(٢) في (ع): «متقاوت».
(٣) ساقطة من: (ع).
(٤) المنتقى، للحاكم الشهيد أبي الفضل محمد بن محمد بن أحمد، المقتول شهيدًا سنة ٣٣٤ هـ، وهو كتاب في فروع الحنفية، وفيه: نوادر من المذهب، ولا يوجد المنتقى في هذه الأعصار، كذا قال: بعض العلماء. ينظر: كشف الظنون: ٢/ ١٨٥١.
(٥) ينظر: المحيط البرهاني: ٧/ ٣٨٣، ٣٨٤، البناية: ١١/ ٤٧٢.
(٦) ساقطة من: (ع).
(٧) ينظر: المحيط البرهاني: ٧/ ٣٨٤، البناية: ١١/ ٤٧٢.