للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا مثل لها أي: لمنافع الأرض، فيجب رد قيمتها؛ لأنه استوفاها بالعقد الفاسد فكانت له قيمة، كما في العقد الصحيح، فهو على الخلاف الذي ذكرنا (١) في أنه لا يزاد على ما شرط [له] (٢) من الخارج عند أبي حنيفة وأبي يوسف، ويراد بالغًا ما بلغ عند محمد، ولو جمع بين الأرض والبقر، يعني: لو كان الأرض والبقر من واحد، والبذر والعمل من آخر فسدت المزارعة، [وهو] (٣) الوجه الرابع الذي من ذكره عند ذكر أوجه المزارعة، فعلى العامل أجر مثل الأرض والبقر. هو الصحيح، وهو احتراز عن قول بعض أصحابنا، فإنهم قالوا معنى قول محمد، فعلى العامل [أجر مثل] (٤) الأرض والبقر، أي: يغرم له أجر مثل الأرض مكروبة (٥)، فأما البقر لا يجوز أن يستحق بعقد المزارعة بحال، فلا ينعقد العقد عليه صحيحًا ولا فاسدًا، ووجوب أجر المثل لا يكون بدون انعقاد العقد، فالمنافع لا تتقوم إلا بالعقد، ولكن الأصح أن عقد المزارعة من جنس الإجارة، ومنافع البقر ما يجوز استحقاقها بعقد الإجارة؛ فينعقد عليها عقد المزارعة بصفة (٦) الفساد، ويجب أجر مثل (٧)، كما يجب أجر مثل الأرض. كذا في «المبسوط» (٨)، وإذا استحق رب الأرض الخارج لبذره، أي: لأجل أن البذر من جانبه في المزارعة الفاسدة بأن سَمَّيَا قفزانًا مسماة مثلاً، [أو نحو] (٩) ذلك مما تفسد به المزارعة طاب له جميعه، أي: جميع الخارج، ولا يتصدق بشيء من ذلك؛ لأنه نماء ملكه حصل من أرضه.

بخلاف ما إذا كان البذر من قبل العامل، فإن فيه على العامل أجر مثل الأرض لرب الأرض، ويرفع عن الخارج قدر بذره، وما أنفق، وما غرم من أجر مثل الأرض لصاحب الأرض، ويتصدق بالفضل؛ لأنه فضل زرع خرج له من أرض غيره بإجارة فاسدة، وإن هلك الخارج في هذه الصورة أو لم تنبت الأرض شيئًا فللعامل أجر مثل عمله. كذا في «الذخيرة» (١٠).

وذكر شيخ الإسلام خواهر زاده -رحمه الله» (١١) - في الفرق بين الفصلين فقال: أوجب التصدق بالزيادة متى تمكن الحب في منفعة الأرض، ولم يوجب متى تمكن في عمل العامل؛ لأن العمل وهو التبذير والسقي لم يتصل بالزرع حقيقة؛ لأن التبذير كما وجد انقضى، والسقي إنما يكون بفتح الجدول، وذلك مضى وانقضى، فلم يتصل حقيقة وإن اتصل به حكمًا من حيث إنه لابد من العمل (١٢) لحصول الزرع، كما لابد من منفعة الأرض، واتصال الخبث في العقد الفاسد من وجه دون وجه لا يوجب التصدق، كما لو تصدق (١٣) في الدراهم الحاصلة بالعقد الفاسد، والخبث المتمكن بسبب الفساد في منفعة الأرض اتصل بالخارج حقيقة وحكمًا؛ لأن منفعة الأرض متصلة بالخارج من أول ما نبت إلى وقت الإدراك، وأوجب الصدقة كما لو تصرف/ في العين المشترى بشرى فاسد.


(١) في (ع): «ذكرناه».
(٢) ساقطة من: (ع).
(٣) ساقطة من: (ع).
(٤) في (ع): «مثل أجر».
(٥) مكروبة: مثارة، ينظر: العين (كرب) ٥/ ٣٦٠.
(٦) في (ع): «بسبب».
(٧) في (ع): «مثلها».
(٨) ينظر: المبسوط: ٢٣/ ٢٠، ٢١.
(٩) في (ع): «ونحو ذلك».
(١٠) ينظر: تحفة الفقهاء: ٣/ ٢٦٥، العناية: ٩/ ٤٧٥، البناية: ١١/ ٤٩٤.
(١١) هو محمد بن الحسين بن محمد بن الحسن، أبو بكر البخاري، الحنفي، المعروف بخواهر زاده. من آثاره: «المبسوط»، و «شرح الجامع الكبير» للشيباني، و «شرح مختصر القدوري»، و «التجنيس» في الفقه، تـ ٤٨٣ هـ، ينظر: الجواهر المضية: ٢/ ٤٩، الفوائد البهية: ص ١٦٣، والأعلام: ٦/ ١٠٠.
(١٢) في (ع): «عمل».
(١٣) في (ع): «تصرف».