للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكذلك المنفعة والعمل على العامل خاصة في صورة الموت لا على وجه الاشتراك لما ذكر في الكتاب.

(فإن أنفق أحدهما) أي: فيما إذا انقضت مدة الزراعة فهو متطوع في النفقة؛ لأنه أنفق على ملك الغير بغير أمره وبغير أمر من يلي عنه.

فإن قيل: هو مضطر في هذا الإنفاق لأنه يجبر بحق نفسه فلا يوصف بالتبرع.

قلنا: هو غير مضطر في ذلك؛ لأنه يمكنه الإنفاق بأمر القاضي.

ولأنه غير مجبر على الإنفاق فكان متطوعًا، كالدار المشتركة بينهما إذا اشترى (١) فأنفق أحدهما في مَرَمَّتِهَا بغير أمر صاحبه كان متطوعًا في ذلك. كذا في «المبسوط» (٢) و «الذخيرة» (٣).

ولو أراد رب الأرض أن يأخذ الزرع بقلاً، أي بعد انقضاء المدة لم يكن له ذلك لما فيه من الإضرار بالمزارع.

فإن قلت: كما أن في هذا إضرارًا بالمزارع، وفي قلع المزارع الزرع بقلاً إضرار برب الأرض أيضًا حيث يفوت به نصيبه من الخارج، ومع ذلك [جاز له] (٤) قلعه حيث ذكر في «المبسوط»: وإن أراد العامل أن يأخذه بقلاً فله ذلك (٥).

قلت: إنما اختلف حكم قلعيهما (٦) لاختلاف المعنى، وهو أن المزارع لو لم يقلع الزرع لسلم لرب الأرض أجر مثل نصف الأرض، ثم هو مع ذلك كان في المطالبة بالقلع متعنتًا قاصدًا إلى الإضرار بالمزارع، فيرد عليه قصده، وأما المزارع فهو أن الزرع إنما كان يترك لدفع الضرر عنه، وقد رضي بالتزام الضرر.

ولأنه نظر لنفسه في هذا من وجه فإنه يمتنع (٧) من التزام أجر مثل نصف الأرض مخافة أن لا يفي نصيبه منه بذلك الأجر، فله ذلك. إلى هذا أشار في «المبسوط» (٨): لم يجبروا على العمل لما بينا، وهو قوله: لأن إيفاء العقد بعد وجود المنهي ينظر له إلى آخره.

والمالك على الخيارات/ الثلاثة، لكن في هذه الصورة لو رجع المالك بالنفقة يرجع بكلها إذ العمل على العامل مستحق لبقاء العقد على ما [بينا] (٩) هنا، وهو قوله: لأن المزارع لما امتنع، إلى آخره.

الحصاد (١٠): بفتح الحاء وكسرها لغتان، وقرئ بهما في قوله تعالى: {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} (١١).


(١) في (ع): «اشترطت».
(٢) ينظر: المبسوط: ٢٣/ ٤٨.
(٣) ينظر: درر الحكام شرح غرر الأحكام: ٢/ ٣٢٧.
(٤) في (ع): «يلزمه».
(٥) ينظر: المبسوط: ٢٣/ ٤٦.
(٦) في (ع): «فعليهما».
(٧) في (ع): «يمنع».
(٨) ينظر: المبسوط: ٢٣/ ٤٦.
(٩) ساقطة من: (ع).
(١٠) ينظر: البناية: ١١/ ٥٠٥.
(١١) سورة الأنعام، من الآية: ١٤١.