للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولَمَّا ناولت فاطمةُ -رضي الله عنها- أَحَدَ ولدَيْها بِلالًا أو أَنَسًا قال: رأيت كفّها {كأنها} (١) فِلْقَة قَمَر (٢)؛ فدلّ أنّه لا بأس بالنظر إلى الوجه والكف، وأمّا خوف الفتنة فقد يكون بالنّظر إلى ثيابها أيضاً (٣).

قال القائل (٤) [ … ] (٥):

عجوزٍ تَرَجَّى أن تكون فَتِيَّةً وقد … لَحَتِ الجنبان واحدودب الظهر

تدُسُّ إلى العطَّارِ مَيْرَة (٦) أهلِها … وهل يُصْلِح العطار ما أفسد الدَّهْرُ

وما غرَّني إلا خِضَابٌ (٧) بكفِّها … وكُحْلٌ بعينيها وأثوابها الصُّفْرُ

ثم لا شك أنه يباح النظر إلى ثيابها ولا يعتبر خوف الفتنة في ذلك؛ فكذلك إلى وجهها وكفها، وإذا خاف الشّهوة لم ينظر من غير حاجة لقوله -عليه السلام- لعلي -رضي الله عنه-: «لَا تُتْبِعِ النَّظْرَةَ النَّظْرَةَ فَإِنَّ الْأُوْلَى لَكَ [وَالْأُخْرَى] (٨) عَلَيْكَ» (٩) يعني بالأخرى: أن يبصرها عن شهوة (١٠).


(١) سقطت من (ب).
(٢) لم أجده.
(٣) يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (١٠/ ١٥٣)، المحيط البرهاني في الفقه النعماني (٨/ ٣٠).
(٤) قيل: أن القائل هو رجُلٌ يقال له: أبو العاج الكلبي. يُنْظَر: بلاغات النساء لابن طيفور (ص ٩٩).
(٥) في (أ): (شِعْر).
(٦) مِيْرَة: الْمِيْرة الطعام، يُقال: (مارَ أَهْلَه) أي: أتاهم بالطعام. يُنْظَر: الْمُغرب في ترتيب المْمثعرب (ص ٤٧٧)، مختار الصحاح (ص ٣٠١).
(٧) خِضاب: اسمٌ لِمَا يُختضبُ به من الحَنَّاءِ ونحوه في الكَفِّ وغيرها، وكُل ما غُيِّر لونهُ، فهو مَخْضُوبٌ، وخَضِيبٌ. يُنْظَر: مختار الصحاح (ص ٩٢)، لسان العرب (١/ ٣٥٧).
(٨) في النسختين: (والثانية)، وما أثبَتُّه هو الموافق للفظ الحديث، ويدل عليه أنه هو الْمُراد للمؤلِّف قولُه بعد ذلك: (يعني بالأخرى: أن يبصرها عن شهوة).
(٩) أخرَجَ أبو داود في سُنَنِه (٣/ ٤٨١) كتاب (النكاح) باب (ما يُؤْمَر به من غضِّ البَصَر) برقم (٢١٤٩) بِسَنَدِه: عن ابن بُرَيْدَة عن أبيه، قال: قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- لعليٍّ: «يَا عَلِيُّ، لَا تُتْبِعِ النَّظْرَةَ النَّظْرَةَ، فَإِنَّ لَكَ الْأُوْلَى، وَلَيْسَتْ لَكَ الْآخِرَةَ»، إسناده ضعيفٌ، فيه: عمر بن ربيعة الإيادي، قال عنه ابن أبي حاتم: سمعت أبي - أبو حاتم- يقول ذلك، وسألته عنه فقال: منكر الحديث،. يُنْظَر: الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (٦/ ١٠٩)، المغني في الضعفاء للذهبي (٢/ ٤٦٦).
- وأخرجه الترمذي (٥/ ١٠١) برقم (٢٧٧٧)، وقال: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث شُرَيك.
- وقال الحاكم في المستدرك: صحيح على شرط مسلم، ولم يُخَرِّجَاه، ووافَقَهُ الذهبي. يُنْظَر: المستدرك على الصحيحين لِلحاكِم (٢/ ٢١٢).
(١٠) يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (١٠/ ١٥٣).