للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولمَّا قال عمر -رضي الله عنه- في خطبته: ألا لا تغالوا في صدقة النساء فإنّها لو كانت مكرمة عند الله أو أتقاكم لكان الأولى بها رسول الله -عليه السلام- فوالله ما خطب رسول الله -عليه السلام- أكثر من أربعمائة [أوقية (١) (٢) ونَشّ (٣)، فقامت [امرأة] (٤) [سفعاء] (٥) (٦) الخدين وقالت: أنت تقول برأيك أم سمعته من رسول الله -عليه السلام- فإنَّا نّجِدُ في كتاب الله تعالى [خلاف] (٧) ما تقول: قال الله تعالى: {وَءَاتَيْتُمْ إِحْدَىهُنَّ قِنطَارا فَلَا تَأْخُذُواْ مِنْهُ شَيْ‍ً?ا} (٨)، فبكى عمر -رضي الله عنه- فقال: كلّ النّاس أفقه من عمر حتّى النساء في البيوت (٩)، فذكر الراوي أنّها كانت [سفعاء] (١٠) الخدّين؛ وهذا بيان أنّها كانت مسفرة عن وجهها (١١).


(١) أُوْقِيَّة: الْأُوْقِيَّةُ بالْتَّشْدِيْدِ، مِعْيَارٌ لِلوَزْنِ، جَمْعُهَا أَوَاقِي، وَيَخْتَلِفُ مِقْدَارُهَا شَرْعَاً بِاخْتِلَافِ الْمَوْزُوْنِ، وَهِيَ مِنْ غَيْرِ الْذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ أَرْبَعُوْنَ دِرْهَمَاً. يُنْظَر: المصباح المنير في غريب الشرح الكبير (٢/ ٦٦٩)، مختار الصحاح (ص ٣٤٤)، معجم لغة الفقهاء (١/ ١١٥).
(٢) في (أ): (وأوقية).
(٣) نَشّ: النَّشُّ: عشرون درهماً، وهو نصف أوقيَّة لأنَّهم يسمُّون الأربعين درهماً أوقيَّة، ويسمُّون العشرين نَشًّا، وقال في "الْمُغْرِب": وَكَذَلِكَ نِصْفُ كُلِّ شَيْءٍ يُقَالُ نَشُّ الدِّرْهَمِ وَنَشُّ الرَّغِيفِ. يُنْظَر: الصحاح للجوهري (٣/ ١٠٢١)، الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرَب (ص ٤٩٢)، معجم لغة الفقهاء (ص ٤٧٩).
(٤) سقطت من (ب).
(٥) في (ب): (شفعا)،
(٦) سَفْعَاء: السُفْعَةُ في الوجه: سوادٌ في خدَّي المرأة الشَّاحِبة، كأن النار سفعت خدَّيْها، وقَالَ الْأَصْمَعِي: هِيَ حُمْرَة يعلوها سَواد. يُنْظَر: الصحاح للجوهري (٣/ ١٢٣٠)، مشارق الأنوار على صحاح الآثار (٢/ ٢٢٦)، شمس العلوم ودواء كلام العرب من الكلوم (٥/ ٣١٠٥).
(٧) في (أ): (بخلاف).
(٨) سورة النساء الآية (٢٠).
(٩) أخرج البيهقي في السُّنَن الكُبْرى (٧/ ٣٨٠) كتاب (الصَّداق) باب (لا وقت في الصداق كَثُر أو قَلَّ) برقم (١٤٣٣٦) بِسَنَدِه بِلَفْظ: ثنا مُجَالِدٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: خَطَبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ -رضي الله عنه- النَّاسَ فَحَمِدَ اللهَ تَعَالَى وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَقَالَ: «أَلَا لَا تُغَالُوا فِي صَدَاقِ النِّسَاءِ، فَإِنَّهُ لَا يَبْلُغُنِي عَنْ أَحَدٍ سَاقَ أَكْثَرَ مِنْ شَيْءٍ سَاقَهُ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- أَوْ سِيقَ إِلَيْهِ إِلَّا جَعَلْتُ فَضْلَ ذَلِكَ فِي بَيْتِ الْمَالِ» ثُمَّ نَزَلَ، فَعَرَضَتْ لَهُ امْرَأَةٌ مِنْ قَرِيبٍ، فَقَالَتْ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَكِتَابُ اللهِ تَعَالَى أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَوْ قَوْلُكَ؟ قَالَ: «بَلْ كِتَابُ اللهِ تَعَالَى، فَمَا ذَاكَ؟» قَالَتْ: نَهَيْتَ النَّاسَ آنِفًا أَنْ يُغَالُوا فِي صَدَاقِ النِّسَاءِ وَاللهُ تَعَالَى يَقُولُ فِي كِتَابِهِ: {وَءَاتَيْتُمْ إِحْدَىهُنَّ قِنطَارا فَلَا تَأْخُذُواْ مِنْهُ شَيْ‍ً?ا}، فَقَالَ عُمَرُ -رضي الله عنه-: «كُلُّ أَحَدٍ أَفْقَهُ مِنْ عُمَرَ» مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ لِلنَّاسِ: «إِنِّي كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ أَنْ تُغَالُوا فِي صَدَاقِ النِّسَاءِ أَلَا فَلْيَفْعَلْ رَجُلٌ فِي مَالِهِ مَا بَدَا لَهُ»، قال البيهقي: هذا منقطع.
- وأخرجه سعيد بن منصور في سُنَنِه قريباً من هذا اللفظ (١/ ١٩٥) برقم (٥٩٨).
- والحديث فيه: مجالد بن سعيد، قال عنه النسائي: كوفي ضعيف، وضّعَّفَه يحي بن سعيد القطان ويحي بن معين، وقال عنه ابن حِبَّان: وكان رديء الحفظ يقلب الأسانيد ويرفع المراسيل لا يجوز الاحتجاج به. يُنْظَر: الضعفاء والمتروكون للنسائي (ص ٩٥)، الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (٨/ ٣٦١ - ٣٦٢)، المجروحين لابن حِبَّان (٣/ ١٠).
- وأما حديث (سفعاء الخدين) فلم أقف عليه مقروناً بهذه القِصَّة، وإنما أخرج مسلم في صحيحه () كتاب (صلاة العيدين) برقم (٨٨٥) وفيه: ثُمَّ مَضَى حَتَّى أَتَى النِّسَاءَ، فَوَعَظَهُنَّ وَذَكَّرَهُنَّ، فَقَالَ: «تَصَدَّقْنَ، فَإِنَّ أَكْثَرَكُنَّ حَطَبُ جَهَنَّمَ»، فَقَامَتِ امْرَأَةٌ مِنْ سِطَةِ النِّسَاءِ سَفْعَاءُ الْخَدَّيْنِ، فَقَالَتْ: لِمَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «لِأَنَّكُنَّ تُكْثِرْنَ الشَّكَاةَ، وَتَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ»، قَالَ: فَجَعَلْنَ يَتَصَدَّقْنَ مِنْ حُلِيِّهِنَّ، يُلْقِينَ فِي ثَوْبِ بِلَالٍ مِنْ أَقْرِطَتِهِنَّ وَخَوَاتِمِهِنَّ.
(١٠) في (ب): (شفعا).
(١١) يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (١٠/ ١٥٢ - ١٥٣).