للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وَكَذَلِكَ احْتَجَّ بِالحَدِيثِ (١) الَّذِي رَوَاهُ مِنِ اسْوِدَادِ (٢) الأُفُقِ، وَاسْوِدَادِ الأُفُقِ، لَا يَكُونُ إلَّا بَعْدَ ذَهَابِ البَيَاضِ (٣).

وامَّا قَوْلُهُ -رحمه الله-: (بِأَنَّ الشَّفَقَ المُعْتَادَ هُوَ (٤) الحُمْرَةُ).

قُلْنَا: لَيْسَ كَذَلِكَ، فَإِنَّهُمْ كَمَا يُطْلِقُونَ اسْمَ الشَّفَقِ عَلَيْهَا يُطْلِقُونَه عَلَى البَيَاضِ، هَكَذَا جَاءَ عَنْ المُبَرِّدِ (٥) وأحْمَدِ بنِ يَحْيَى (٦)، وَضَرْبٍ مِنَ الاسْتِدْلَالِ مِنْ طَرِيقِ اللغَةِ وَالفِقْهِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ هُوَ البَيَاضُ.

أَمَّا اللغَةُ (٧): فَإِنَّ الشَّفَقَ عِبَارَةٌ عَنْ الرِّقَّةِ، يُقَالَ: ثَوْبٌ شَفِقٌ، أَيْ: رَقِيقُ النَّسْجِ، أَوْ رَقَّ مِنْ طُولِ مَا لُبِسَ، وَالشَّفَقَةُ مِنْ رِقّةِ القَلْبِ وَالمَحَبَّةِ، فَالبَيَاضُ أَوْلَى بِهَذَا الاسْمِ؛ لِأَنَّ أَجْزَاءَ البَيَاضِ أَرَقُّ مِنْ أَجْزَاءِ الحُمْرَةِ (٨).


(١) وقد جاء فِي الحديث «وقت العشاء إِذَا ملأ الظلام الضراب» وفِي رواية «إِذَا ادلهم الليل» أَيْ استوى الأفق فِي الظلام وذلك لا يكون إلا بعد ذهاب البياض فبذهابه يخرج وقت المغرب. ينظر: "المَبْسُوطِ" للسرخسي (١/ ١٤٥).
(٢) قوله (اسوداد) كما في المخطوطتين ووردت في كتاب المبسوط بلفظ (استواء) كَمَا ذكر السرخسي. ينظر: "المَبْسُوطِ" للسرخسي (١/ ١٤٥)
(٣) من قوله: (وكَذَلِكَ .. ) ساقطة من (ب).
(٤) فِي (ب): (وهو).
(٥) المُبرِّد: هُوَ مُحَمَّد بن يزِيد بن عبد الْأَكْبَر بن عُمَيْر بن حسان بن سُليم أَبُو الْعَبَّاس المُبرِّد، ولد بالْبَصْرَة. وكَانَ عالمًا فاضلًا، موثوقًا به فِي الرواية، حسن المحاضرة، مليح الأخبار كثير النوادر، توفِي فِي سنة خمس وثمانين ومائتين، انظر: تاريخ العلماء النحويين " للتنوخي (١/ ٥٣)، تاريخ بغداد للخطيب البغدادي (٤/ ٦٠٣).
(٦) أحمد بن يحيى: هُوَ أبو العباس أحمد بن يحيى بن زيد بن سيار النحوي الشيباني بالولاء كَانَ إمامَا فِي النحو واللغة وكَانَ ثقة حجّة، مشهوراً بالحفظ والمعرفة بالعربية ورواية الشعر. ولد سنة مائتين وتوفِي سنة إحدى وتسعين ومائتين. انظر " وفيات الأعيان لابن خلكان " (١/ ٣٦) و" شذرات الذهب في أخبار من ذهب، للعكري " (٢/ ٢٠٧).
(٧) ينظر: "لسان العرب" لابن منظور (١٠/ ١٧٩).
(٨) فِي (أ): كتبت (أجراء) بالراء وهذا خطأ من الناسخ انظر " تبيين الحقائق للزيلعي (١/ ٨١).