للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَفِيْهِ دَلِيْلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِأَنْ يَشْتَرِيْ الْإِنْسَانُ شَيْئَاً نَسِيْئَةً، وَإِنْ أَمْكَنَهُ الشِّرَاءُ بِالنَّقْدِ، فَإِنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- اشْتَرَى طَعَامَاً نَسِيْئَةً، [وَكَانَ يُمْكِنُهُ] (١) الشِّرَاءُ بِالنَّقْدِ، بِأَنْ يَبِيْعَ دِرْعَهُ ثُمَّ يَشْتَرِيْ طَعَامًا بِنَقْدٍ، خِلَافَاً لِمَا يَقُوْلُهُ بَعْضَ [الْمُتَقَشِّفَة] (٢)، فَإِنَّهُمْ قَالُوْا: يُكْرَهُ لِلْإِنْسَانِ الشِّرَاءُ بِالنَّسِيْئَةِ إِذَا كَانَ قَادِرَاً عَلَى الشِّرَاءِ بِالنَّقْدِ، كَذَا فِي "الْمَبْسُوْطَيْنِ" (٣).

(وَلِأَنَّهُ عَقْدُ وَثِيْقَةٍ لِجَانِبِ الاسْتِيْفَاءِ) (٤)، اعْلَمْ: أَنَّ لِلْدَّيْنِ طَرَفَيْنِ، طَرَفُ الْوُجُوْبِ وَطَرَفُ الاسْتِيْفَاءِ؛ لِأَنَّهُ يَجِبُ أَوَّلَاً فِي الذِّمَّةِ، ثُمَّ يُسْتَوْفَي الْمَالُ بَعْدَ ذَلِكَ، ثَمَّ الْوَثِيْقَةُ بِطَرَفِ الْوُجُوْبِ الَّذِيْ يَخْتَصُّ بِالذِّمَّةِ، (وَهِيَ الْكَفَالَةُ) (٥) جَائِزَةٌ، فَكَانَتْ الْوَثِيْقَةُ بِطَرَفِ الاسْتِيْفَاءِ الَّذِيْ يَخْتَصُّ بِالْمَالِ جَائِزَةٌ أَيْضَاً، اعْتِبَارَاً بِطَرَفِ الْوُجُوْبِ، بَلْ بِالطَّرِيْقِ الْأَوْلَى، إِذْ الاسْتِيْفَاءُ مَقْصُوْدٌ، وَالْوُجُوْبُ وَسِيْلَةٌ لِهَذَا الْمَقْصُوْدِ، فَلَمَّا شُرِعَتْ الْوَثِيْقَةُ فِي حَقِّ الْوَسِيْلَةِ؛ فَلَأَنْ يُشْرَعَ فِي حَقِّ الْمَقْصُوْدِ أَوْلَى، إِلَى هَذَا أَشَار شَيْخُ الْإِسْلَامِ/ (٦).

[رُكْن الرّهن]

(قَالُوْا: الرُّكْنُ الْإِيْجَابُ بِمُجَرَّدِهِ) (٧) فَمِنْ الَّذِيْنَ قَالُوْا [بِهِ] (٨) شَيْخُ الْإِسْلَامِ، وَقَدْ [ذَكَرْنَاهُ بِتَمَامِهِ] (٩) (١٠).


(١) في (ب): (وإن أمْكَنَه).
(٢) في (أ): (الْمُنْقَسِمَة).
(٣) يُنْظَر: حاشية الشلبي على تبيين الحقائق (٦/ ٦٢)، البناية شرح الهداية (١٢/ ٤٦٦)، الكفاية شرح الهداية (٤/ ١١٥٣).
(٤) يُنْظَر: الهداية شرح البداية (٤/ ١٥٥٥).
(٥) يُنْظَر: المرجع السابق.
(٦) يُنْظَر: حاشية الشلبي على تبيين الحقائق (٦/ ٦٣ - ٦٤)، العناية شرح الهداية (١٠/ ١٣٦)، البناية شرح الهداية (١٢/ ٤٦٧).
(٧) يُنْظَر: الهداية شرح البداية (٤/ ١٥٥٥).
(٨) في (أ): (أنَّه).
(٩) في (ب): (ذكرنا تمامه).
(١٠) يُنْظَر: العناية شرح الهداية (١٠/ ١٣٦)، البناية شرح الهداية (١٢/ ٤٦٧).