للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثُمَّ قَالَ: فَفِيْ كُلِّ مَوْضِعٍ كَانَ الرَّهْنُ مَالاً وَالْمُقَابَلُ بِهِ مَضْمُوْنًا، إِلَّا أَنَّهُ فَقْدَ [بَعْضَ] (١) شَرَائِطِ الْجَوَازِ [يَنْعَقِدُ] (٢) الرَّهْنُ؛ لِوُجُوْدِ شَرْطِ الْانْعِقَادِ، لَكِنْ بِصِفَةِ الْفَسَادِ؛ لِانْعِدَامِ شَرْطِ الْجَوَازِ، وَفِيْ كُلِّ مَوْضِعٍ لَمْ يَكُنْ الرَّهْنُ مَالاً، أَوْ لَمْ يَكُنْ الْمُقَابَلُ {بِهِ} (٣) مَضْمُوْنًا، لَا يَنْعَقِدُ الرَّهْنُ أَصْلاً (٤).

(وَقَالَ الشَّافِعِيُّ/: يَجُوْزُ (٥) (٦)، وَإِنَّمَا لَمْ يَذْكُرْ دَلِيْلَهُ فِيْ الْكِتَابِ (٧)؛ لِأَنَّ أَصْلَ دَلِيْلِهِ وَمُعْظَمَهُ قَدْ عُلِمَ فِيْ ضِمْنِ ذِكْرِ دَلِيْلِنَا، وَهُوُ قَوْلُهُ: (وَعِنْدَهُ: الْمُشَاعُ يَقْبَلُ مَا هُوَ الْحُكْمُ عِنْدَهُ، وَهُوَ [تَعَيُّنُهُ] (٨) لِلْبَيْعِ) (٩)، فَإِنَّهُ يَقُوْلُ: الْمُشَاعُ عَيْنٌ يَجُوْزُ بَيْعُهُ، فَيَجُوْزُ رَهْنُهُ كَالْمَقْسُوْمِ (١٠).

(وَهَذَا) (١١)، أَيْ: ثُبُوْتُ يَدِ الْاسْتِيْفَاءِ (لَا يُتَصَوَّرُ فِيْمَا تَنَاوَلَهُ الْعَقْدُ، وَهُوَ الْمُشَاعُ) (١٢)، بَيَانُ هَذَا: أَنَّ مُوْجَبَ عَقْدِ الرَّهْنِ ثُبُوْتُ يَدِ الْاسْتِيْفَاءِ لِلْمُرْتَهِنِ، عَلَى مَا بَيَّنَّا أَنَّهُ وَثِيْقَةٌ لِجَانِبِ الْاسْتِيْفَاءِ، وَيَدُ الْاسْتِيْفَاءِ فِيْ الْجُزْءِ [الشَّائِعِ] (١٣) لَا يَتَحَقَّقُ؛ لِأَنَّ الْيَدَ حَقِيْقَةٌ لَا تَثْبُتُ إِلَّا عَلَى جُزْءٍ مُعَيَّنٍ، وَإِذَا كَانَ الْمَرْهُوْنُ جُزْءًا [شَائِعًا] (١٤) لَوْ ثَبَتَ حُكْمُ الرَّهْنِ إِنَّمَا يَكُوْنُ عِنْدَ التَّخَلِّيْ [عَنْ جَمِيْعِ] (١٥) الْعَيْنِ، أَوْ عِنْدَ نَقْلِ جَمِيْعِ الْعَيْنِ حَقِيْقَةً، وَنِصْفُ الْعَيْنِ لَيْسَ [بَمَعْقُوْدٍ] (١٦) عَلَيْهِ، وَإِذَا {كَانَ} (١٧) مُوْجَبُ الْعَقْدِ لَا يَتَحَقَّقُ إِلَّا بِاعْتِبَارِ مَا لَيْسَ بِمَعْقُوْدٍ عَلَيْهِ [لَا يَنْعَقْدُ] (١٨) {الْعَقْدُ} (١٩) أَصْلاً، كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَ أَحَدَ زَوْجَيْ الْمِقْرَاضِ (٢٠) لِمَنْفَعَةِ قَرْضِ الثِّيَابِ، وَبِهَذَا تَبَيَّنَ أَنَّ الْعَيْنَ كَانَ فِيْمَا هُوَ مُوْجَبُ الرَّهْنِ غَيْرُ مُحْتَمِلٍ لِلْتَجَزِّي، وَعِنْدَ إِضَافَةِ الْعَقْدِ إِلَى نِصْفِهِ لَمْ يَثْبُتْ فِيْ كُلِّهِ؛ لِأَنَّ ذِكْرَ النِّصْفِ هَاهُنَا لَيْسَ بِعِبَارَةٍ عَنْ الْكُلِّ بِالْاتِّفَاقِ، فَيَبْطُلُ الْعَقْدُ أَصْلاً (٢١).


(١) في (أ): (نَقْصَ).
(٢) في (أ): (بِعَقْدِ).
(٣) سقطت من (أ).
(٤) يُنْظَر: البناية شرح الهداية (١٢/ ٤٩٤)، درر الحكام شرح غرر الأحكام (٢/ ٢٥١)، الفتاوى الهندية (٥/ ٤٤٧).
(٥) يُنْظَر: الأم للشافعي (٣/ ١٩٤)، الحاوي الكبير للماوردي (٦/ ١٢)، نهاية المطلب في دراية المذهب (٦/ ٨٢).
(٦) يُنْظَر: الهداية شرح البداية (٤/ ١٥٦٤).
(٧) الْكِتَابِ: الْمُراد به هُنا "الهداية شرح البداية". يُنْظَر: الهداية شرح البداية (٤/ ١٥٦٤).
(٨) في (ب): (يُعَيِّنُهُ).
(٩) يُنْظَر: الهداية شرح البداية (٤/ ١٥٦٤).
(١٠) يُنْظَر: البناية شرح الهداية (١٢/ ٤٩٥)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (٦/ ٦٨ - ٦٩)، مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر (٢/ ٥٩١).
(١١) يُنْظَر: الهداية شرح البداية (٤/ ١٥٦٤).
(١٢) يُنْظَر: المرجع السابق.
(١٣) في (ب): (المشاع).
(١٤) في (أ): (سابعًا).
(١٥) في (أ): (لجميع).
(١٦) في (ب): (بمقصود).
(١٧) سقطت من (ب).
(١٨) في (ب): (لا يَنْفَذ).
(١٩) سقطت من (أ).
(٢٠) الْمِقْراض: وَاحِدُ الْمَقَارِيْضِ، وَهُوَ هُنَا: الْمِقَصُّ. يُنْظَر: مشارق الأنوار على صحاح الآثار (٢/ ١٨٠)، مختار الصحاح (ص ٢٥٤)، لسان العرب (٧/ ٢١٦).
(٢١) يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (٢١/ ٧٠ - ٧١).