للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَإِنْ قُلْتَ: كَيْفَ يَسْتَقِيْمُ هَذَا؟ فَمُوْجَبُ عَقْدِ الرَّهْنِ ثُبُوْتُ يَدِ الْاسْتِيْفَاءِ لِلْمُرْتَهِنِ، وَالشُّيُوْعُ لَا يَمْنَعُ الْاسْتِيْفَاءَ {حَقِيْقَةً} (١)، فَإِنَّ مَنْ كَانَ لَهُ عَلَى غَيْرِهِ عَشَرَةً فَدَفَعَ إِلَيْهِ الْمَدْيُوْنُ كِيْسًا فِيْهِ عِشْرُوْنَ دِرْهَمًا [لِيَسْتَوْفِيَ] (٢) حَقَّهُ مِنْهُ يَصِيْرُ مُسْتَوْفِيًا/ حَقَّهُ مِنْ النِّصْفِ شَائِعًا، وَإِذَا كَانَ الشُّيُوْعُ لَا يَمْنَعُ حَقِيْقَةَ الْاسْتِيْفَاءِ فَكَيْفَ يَمْنَعُ ثُبُوْتَ يَدِ الْاسْتِيْفَاءِ؟

قُلْنَا: مُوْجَبُ حَقِيْقَةِ الْاسْتِيْفَاءِ مِلْكُ عَيْنِ الْمُسْتَوْفَى، وَالْيَدُ يِبْتَنِيْ عَلَى الْمِلْكِ، وَالشُّيُوْعُ لَا يَمْنَعُ الْمِلْكَ، [فَمَا] (٣) هُوَ الْمُوْجَبُ يُمْكِنُ إِثْبَاتُهُ فِيْ الْجُزْءِ [الشَّائِعِ] (٤) هُنَاكَ، وَمُوْجَبُ الرَّهْنِ يَدُ الْاسْتِيْفَاءِ فَقَطْ، وَذَلِكَ لَا يَتَحَقَّقُ فِيْ الْجُزْءِ [الشَّائِعِ] (٥)، وَبِهَذَا الطَّرِيْقِ سَوَّيْنَا فِيْ حُكْمِ الرَّهْنِ بَيْنَ مَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ وَبَيْنَ مَا لَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ، بِخِلَافِ الْهِبَةِ فَإِنَّ مُوْجَبَ الْعَقْدِ هُنَاكَ الْمِلْكُ، وَالْقَبْضُ شَرْطُ تَمَامِ ذَلِكَ الْعَقْدِ، فَيُرَاعَى وُجُوْدُهُ فِيْ كُلِّ مَحَلٍّ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ، وَلِهَذَا لَمْ يَجُزْ رَهْنُ الْمُشَاعِ مِنْ الشَّرِيْكِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ مُوْجَبَ الْعَقْدِ لَا يَتَحَقَّقُ فِيْمَا أُضِيْفَ إِلَيْهِ الْعَقْدُ، سَوَاءٌ كَانَ الْعَقْدُ مَعَ الشَّرِيْكِ أَوْ مَعَ الْأَجْنَبِيِّ، كَذَا فِيْ "الْمَبْسُوْطِ" (٦).

وَقَوْلُهُ: (وَهُوَ [الْاسْتِيْثَاقُ مِنْ] (٧) الْوَجْهِ الَّذِيْ بَيَّنَّاهُ) (٨)، وَهُوَ قَوْلُهُ: (وَلِيَكُوْنَ عَاجِزًا عَنْ الْانْتِفَاعِ فَيَتَسَارَعُ إِلَى قَضَاءِ الدَّيْنِ لِحَاجَتِهِ أَوْ لِضَجَرِهِ) (٩) (١٠).


(١) سقطت من (ب).
(٢) في (أ): (يستوفي).
(٣) في (أ): (ممَّا).
(٤) في (أ): (السّابِع).
(٥) في (أ): (السّابِع).
(٦) يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (٢١/ ٧١).
(٧) في (أ): (الاستئناف عن).
(٨) يُنْظَر: الهداية شرح البداية (٤/ ١٥٦٤).
(٩) يُنْظَر: المرجع السابق (٤/ ١٥٥٧).
(١٠) يُنْظَر: العناية شرح الهداية (١٠/ ١٥٤)، البناية شرح الهداية (١٢/ ٤٩٥)، تكملة فتح القدير (١٠/ ١٥٤).