للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقال في الإيضاح: ولو كان التَّسليط على البيع بعد عقد الرهن من غير شرط في العقد فهو وكيل للرّاهن، وما لَحِق العدل من العهدة رجع على الرَّاهن قبض المرتهن أم لا؛ لأن التوكيل إذا كان بعد العقد لم يتعلَّق به حق المرتهن (١).

ألا ترى أنَّ للرَّاهِن أن يعزله، ولا يملك المُرْتَهِنِ المطالبة بالبيع فلم يكن له حق في البيع فلا يرجع عليه، كمن وكَّل إنسانًا أن يبيع ويقضي من ثمنه دينه ففعل ثم لحقته عهدة لم (يَرْجِعُ عَلَى المُقْتَضي) أي: [على] (٢) القابض (بِخِلَافِ الوَكَالَةِ المَشْرُوطَةِ فِي العَقْدِ (٣) (٤)؛ (لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُتَعَدٍّ فِي حَقِّهِ بِالتَّسْلِيمِ) أي: تسليم الراهن (أَو بِالقَبْضِ (٥) أي: قبض المرتهن (٦).

وفي المَبْسُوط فللمستحق أن يُضَمِّنَ قيمته أيُّهما شاء؛ لأنَّه تبين بالاستحقاق أنَّ (٧) الرَّاهِن كان غاصِباً و المُرْتَهِنِ بمنزلة غاصب الغاصب في حق المستحق فله أن يضمِّن أيُّهما شاء (٨).


(١) يُنْظَر: بدائع الصنائع (٦/ ١٥٠)، الهداية شرح البداية (٤/ ١٤٤)، حاشية ابن عابدين (٧/ ٣٥٠)، العناية شرح الهداية (١٥/ ٤٤)، الفتاوى الهندية (٥/ ٤٤٥)، درر الحكام (٢/ ١٨٥).
(٢) زيادة في (ب).
(٣) الهداية شرح البداية (٤/ ١٤٤).
(٤) قال النسفي -رحمه الله تعالى-: «هذا إذا كان التسليط على البيع مشروطا في عقد الرهن، فإن كان بعد تمام الرهن ذكر شمس الأئمة السرخسي: أنه في ظاهر الرواية لا يجبر العدل على البيع، لأن رضا المرتهن بالرهن قد تم بدونه، وهو توكيل مستأنف ليس في ضمن عقد لازم».
وعن أبي يوسف -رحمه الله تعالى-: أن التوكيل بالبيع بعد الرهن يلحق بأصل العقد ويصير كالمشروط فيه.
قال شيخ الإسلام خواهر زاده، وفخر الإسلام البزدوي: هذه الرواية أصح لأن محمدا -رحمه الله تعالى- أطلق الجواب في الجامع الصغير والأصل، ولم يُفصل بين أن يكون البيع مشروطا أو غيره، فظاهر ما أطلق يدل على أنه مجبر في الحالتين. حاشية ابن عابدين (٧/ ٣٥٠). وينظر: الجامع الصغير (٤٩٠، ٤٩١)، المَبْسُوط؛ للسرخسي (٢١/ ٧٩)، الهداية شرح البداية (٤/ ١٤٣)، تبيين الحقائق (٦/ ٨٢)، تكملة البحر الرائق (٨/ ٢٩٥).
(٥) الهداية شرح البداية (٤/ ١٤٤).
(٦) يُنْظَر: البناية شرح الهداية (١٣/ ١٣).
(٧) وفي (ب) (وأنّ)
(٨) يُنْظَر: المَبْسُوط؛ للسرخسي (٢١/ ٧٤).