للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثُمَّ النَّهْيُ عَنْ الصَّلَاةِ، فِي الأَوْقَاتِ الثَّلَاثَةِ، مِنْ قَبِيلِ نَهْيٍ يَقْتَضِي (١) القُبْحَ؛ لِمَعْنًى فِي غَيْرِهِ، وَالنَّهْيُ عَنْ الصَّلَاةِ، مَعَ الحَدَثِ، مِنْ قَبِيلِ النَّهْيِ الَّذِي قَامَ الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ قبيحٌ؛ لِمَعْنًى فِي عَيْنِهِ، وَقدِ اسْتَوْفَيْنَا التَّفْرِقَةَ وَزِيَادَةَ الكَشْفِ فِي "الوافي" (٢).

ثمَّ لَمَّا لمْ تَجُزِ الفَرَائِضُ فِي هَذِهِ الأَوْقَاتِ الثَّلَاثَةِ، لَوْ شَرَعَ (٣) فِيهَا ثُمَّ قَهْقَهَ (٤)، هَلْ تَنْتَقِضُ طَهَارَتُهُ؟.

قَالَ فِي نَوَادِرِ الصَّلَاةِ مِنَ "المَبْسُوطِ": (لَوْ طَلَعَتِ الشَّمْسُ؛ وَهُوَ فِي خِلَالِ صَلَاةِ الفَجْرِ، ثُمَّ قَهْقَهَ؛ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ؛ فَلَيْسَ عَلَيْهِ وُضُوءٌ لِصَلَاةٍ أُخْرَى (٥)، أَمَّا عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ -رحمه الله-؛ فَلِأَنَّهُ صَارَ خَارِجًا عَنْ الصَّلَاةِ بِطُلُوعِ الشَّمْسِ (٦) وَهُوَ إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ -رحمه الله-.


(١) الكلمة غير واضحة بالمخطوط (أ) وأثبتت كَمَا فِي المخطوط (ب) و" الْعِنَايَة شرح الهداية للبابرتي " (١/ ٢٣٢).
(٢) ينظر: " الوافِي فِي أصول الفقه" للسغناقي " (٢/ ٦٤٩).
(٣) فِي (ب): (فلو شرعها).
(٤) القهقهة: فِي الضحك معروفة وهي أن تقول: قه قه. و (قه) و (قهقه) وقيل أَيْ: رَجَّعَ فِي ضَحِكِهِ، أو اشْتَدَّ ضَحِكُهُ، كَقَهَّ فيهما. انظر: " مختار الصحاح، للرازي" (ص: ٢٦١)، القاموس المحيط، للفيروز آبادي (ص: ١٢٥٢).
(٥) يرى الأحناف أن القهقهة فِي الصلاة ناقضة للوضوء، والراجح هُوَ قول ابن قدامة فِي المغني (وليس فِي القهقهة وضوء. روي ذلك عَنْ عروة وعطاء والزهري ومالك والشافعي وإسحاق وابن المنذر، وقَالَ أصحاب الرأي: يجب الوضوء من القهقهة داخل الصلاة دون خارجها. وروي ذلك عَنْ الحسن والنخعي والثوري؛ لمَا روى أبو العالية «أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كَانَ يصلي، فجاء ضرير فتردى فِي بئر فضحك طوائف فأمر النبي -صلى الله عليه وسلم- الذين ضحكوا أن يعيدوا الوضوء والصلاة». وروي من غير طريق أبي العالية بأسانيد ضعاف، وحاصله يرجع إِلَى أبي العالية، كَذَلِكَ قَالَ عبد الرحمن بن مهدي، والإمام أحمد، والدارقطني. ولنا: أَنَّهُ معنى لا يبطل الوضوء خارج الصلاة فلم يبطله داخلها كالكلام، وانَّهُ ليس بحدث ولا يفضي إليه. فأشبه سائر مَا لا يبطل؛ وَلِأَنَّ الوجوب من الشارع، ولم ينص عَنْ الشارع فِي هذا إيجاب الوضوء، ولا فِي شيء يقاس هذا عليه، ومَا رووه مرسل لا يثبت) انظر: "المغني لابن قدامة" (١/ ١٣١).
(٦) (بطلوع الشمس) ساقطة من (ب).