للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وذكر الطحاوي (١) (٢) عن أبي حنيفة -رحمهما الله-: أنه إذا قتله بصنجة (٣) حديد، أو عمود لا حدة له فهو ليس بعمد محض، حتى لا يجب القصاص بل هو خطأ عمد، وعلى قولهما إن كان الغالب منه الهلاك [فهو عمد محض فيوجب القصاص، وإن لم يكن الغالب منه الهلاك لا يكون عمدًا محضاً] (٤) (٥).

وما لم يكن من جنس الحديد إنْ عَمِل عَمَل الحديد في البضع وتفريق الأجزاء، فهو عمد محض ويجب القصاص فيه، وذلك نحو الإحراق بالنار، ألا ترى أنها تعمل عمل الحديد في الذكاة حتى أنها (٦) إذا (٧) وضعت في المذبح فقطعت ما يجب قطعه في الذكاة وسال بها الدم حل، وإن انجسم (٨) ولم يسل الدم لا يحل (٩).

وذكر في فتاوى قاضي خان -رحمه الله-: وفي ظاهر الرواية في الحديد وما يشبه الحديد كالنحاس (١٠) وغيره لا يشترط الجرح لوجوب القصاص (١١).


(١) هو: الفقيه أبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة بن سلمة الأَزَدِيّ الطحاوي، وتفقه على مذهب الشافعيّ، ثم تحول حنفيا، وانتهت إليه رياسة الحنفية بمصر، ومن أشهر كتبه كتاب شرح الآثار والعقيدة الطحاوية، قال عنه الامام الذهبي: كان الطحاوي ثبتا، فقيها، عاقلا (ت ٣٢١ هـ). يُنْظَر: تاج التراجم (١/ ١٠٠)، الجواهر المضية (١/ ١٠٣).
(٢) قال في أحكام القرآن (٣/ ١٩٩، ٢٠٠): أصل أبي حنيفة في ذلك أن العمد ما كان بسلاح، أو ما يجري مجراه، مثل الذبح بليطة قصبة، أو شقة العصا، أو بكل شيء له حد يعمل عمل السلاح، أو بحرقه بالنار; فهذا كله عنده عمد محض فيه القصاص; قال: ولا نعلم في هذه الجملة خلافًا بين الفقهاء. وقال أبو حنيفة: ما سوى ذلك من القتل بالعصا والحجر صغيرًا كان أو كبيرًا فهو شبه العمد، وكذلك التغريق في الماء.
(٣) هي مايتخذ من صُفْر مدوراً يضرب أحدهما بالآخر وجمعها صنج. يُنْظَر: المُغْرِب في ترتيب المعرب (١/ ٤٨٣)، المعجم الوسيط (١/ ٥٢٥).
(٤) هذه الجملة مكررة في (ب) مرتين.
(٥) يُنْظَر: بدائع الصنائع (٧/ ٢٣٣)، المحيط البرهاني (١٠/ ٧٣٦)، البناية شرح الهداية (١٣/ ٦٣).
(٦) أي: النار.
(٧) وفي (ب) (لو)
(٨) كذا في (أ) و (ب)، والصواب (انجمد) لموافقتها سياق الكلام، وهكذا جاءت في مجمع الأنهر (٤/ ٣٠٩).
(٩) يُنْظَر: مجمع الأنهر (٤/ ٣٠٩) نقلاً عن الكفاية.
(١٠) النحاس: معدن يُستخرج من الأرض شديد الحمرة، قال الأصمعي: النحاس: الطبيعة والأصل، وهو: الصفر الذي تعمل منه الآنية.
يُنْظَر: مقاييس اللغة (٣/ ٢٩٥)، لسان العرب (٦/ ٢٢٧)، تاج العروس (١٦/ ٥٣٩).
(١١) فتاوى قاضي خان (٣/ ٤٤٠).