للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذكر في المبسوط في باب الوكالة بالدم من الديات صورة مسألة الموليين (١) فيما إذا كان العبد مشتركًا بين الكبير والصغير فقتل العبد ليس للكبير ولاية استيفاء القصاص قبل أن يدركَ الصَّغيرُ بالإتفاق (٢).

فقال أبو حنيفة -رحمه الله- في جوابه: وهذا بخلاف ما إذا قتل عبد مشترك بين الصغير والكبير حيث يمتنع (٣) استيفاء القصاص قبل أن يدرك الصغير؛ لأن السبب هناك الملك وهو غير متكامل لكل واحد منهما، فإن ملك الرقبة يحتمل التجزئ ولهذا لم يكن لأجل (٤) الموليين في الأمة ولاية تزويجها بانفراده بخلاف ما نحن فيه فإن السبب فيه القرابة وهو مما لا يحتمل التجزئ حتّى كان لكل واحد من الأولياء تزويج المرأة وفيه أيضاً قبل هذا وأبو حنيفة - رحمه الله- استدل بما روي (٥) أنَّ عبدالرحمن بن ملجم (٦) لما قتل عليًّا -رضي الله عنه- قتله الحسن (٧) -رضي الله عنه- قصاصاً وقد كان في أولاد علي -رضي الله عنه- صغار ولم ينتظر بلوغهم (٨) والمعنى فيه أنَّ حق الكبير ثابت في استيفاء جميع القصاص وليس في استيفائه شبهة عفو متحقق فيتمكن منه كالولاء (٩) الوارث واحداً (١٠).


(١) وفي (ب) (الوليين).
(٢) يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (٢٦/ ١٧٤).
(٣) وفي (ب) (يمنع).
(٤) وفي (ب) (لأحد)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام، وهكذا جاءت في المبسوط.
(٥) وفي (ب) (يروى).
(٦) هو: عبدالرحمن بن ملجم المراديّ التَّدؤليّ، أحد بني تدؤل، وكان فارسهم بمصر، شهد فتح مصر، وكان ممن قرأ القرآن والفقه، أدرك الجاهلية، وهاجر في خلافة عمر، وقرأ على معاذ بن جبل، وكان من العبّاد، وهو الذي قتل عليَّ بن أبى طالب رضي الله عنه، وكان من شيعة عليِّ، وشهد معه صفين. قال الذهبي: خارجي مفترٍ، وهو عند الخوارج من أفضل الأمة، وتعظمه النصيرية، وعند الروافض أشقى الخلق في الآخرة. وعندنا أهل السنة ممن نرجو له النار، ونجوز أن الله يتجاوز عنه، (ت ٤٠ هـ).
يُنْظَر: الأنساب (١/ ٤٥١)، تاريخ الإسلام (٣/ ٦٥٣)، الوافي بالوفيات (١٨/ ١٧١).
(٧) هو: الحسن بن علي بن أبي طالب، أبو محمد الهاشمي، أمير المؤمنين، سبط رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وريحانته من الدنيا وأحد سيدي شباب أهل الجنة. روى عن: جده رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبيه علي، وأخيه الحسين. روى عنه: ابنه الحسن، وعائشة أم المؤمنين، وعكرمة، ومحمد بن سيرين، وآخرون. كان حليمًا ورعًا فاضلا. ولي الخلافة بعد أبيه عدة أشهر، ثم تنازل لمعاوية بشروط، وصان الله بذلك جماعة المسلمين. وظهرت المعجزة النبوية في قوله صلى الله عليه وسلم: «إن ابني هذا سيد ولعل الله أن يصلح به بين فئتين من المسلمين». توفي في المدينة سنة (٥٠ هـ)، ويقال: إنه مات مسمومًا.
يُنْظَر: أسد الغابة (٢/ ١٥)، سير أعلام النبلاء (٣/ ٢٤٥)، الإصابة (٢/ ٦٨)، تهذيب التهذيب (٢/ ٢٥٧).
(٨) روى ابن أبي شيبة في مصنفه (٥/ ٤٣٧)، في (كتاب الديات)، في (باب الرجل يُقتل وله ولد صغار)، برقم (٢٧٧٧٧) أن الحسن بن علي «قتل ابن ملجم الذي قتل علياً، وله ولد صغار».
(٩) وفي (ب) (كما لو كان)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.
(١٠) يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (٢٦/ ١٧٦).