للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقوله: (وَلَمْ يَبْقَ لَهَا أَثَرٌ (١) قَيَّد به لأنَّه لو بقي لها أثر ينبغي أن تجب عليه حكومة عدل؛ لأنَّها لما برأت وبقي (٢) لها أثر صارت كجنايتين مختلفتين فكأنه ضربه تسعين سوطًا وبرأ من ذلك مع بقاء الأثر فوجب عليه حكومة عدل بذلك النقصان ثم الدية بالقتل وأبو حنيفة -رحمه الله- يقول لا يجب شيء؛ لأنَّه لا قيمة لمجرَّدِ الألم (٣).

ألا ترى أنَّه لو ضربه ضربة (٤) يتألم بها ولم تؤثر فيه لا يجب شيء، أرأيت لو شتمه شتمًا (٥) كان (٦) يجب عليه أرش باعتبار إيلام حل قلبه، كذا ذكره الإمام المحبوبي وذكر بكر -رضي الله عنه- (٧) ولا قصاص في اللَّطْمَة والوَكْزَة (٨) والضربة بالسَّوطِ؛ لأنَّه (٩) لا يمكن اعتبار المساواة إلا إذا رضي الضارب فإنه يستوفي؛ لأنَّه إنَّما امتنع الاستيفاء لحقه كيلا يُستوفى منه بأكثر مما جنى، فإذا رضي فقد أسقط حقه في الزيادة، وفي النَّوازل (١٠) قال لآخر: يا خبيث جاز له أن يقول: بل أنت لقوله تعالى: {* لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ} (١١) الآية، وكذا في كل كلمة لا توجب الحد (١٢).


(١) الهداية شرح البداية (٤/ ١٧٠).
(٢) وفي (ب) (ولم يبق).
(٣) يُنْظَر: المبسوط؛ للسَّرَخْسِيِّ (٢٦/ ٨١).
(٤) وفي (ب) (ضربة ضربة).
(٥) وفي (ب) (شتيمة).
(٦) وفي (ب) (أكان).
(٧) هو: الامام شيخ الاسلام أبي بكر محمد بن الحسين بن محمد بن الحسن البخاري، المعروف ببكر خواهر زاده، وسبق ذكر ترجمته (ص ١٣٥).
(٨) في هامش (أ) تعليق: (وكزه ضربه ودفعه، وقيل: ضربه بجمع يده على ذقنه صحاح). يُنْظَر: الصحاح في اللغة (٣/ ٣٩).
(٩) وفي (ب) (أنه).
(١٠) كتاب فتاوى النوازل، للفقيه المحدث الزاهد أبو الليث نصر بن محمد بن أحمد بن إبراهيم السمرقندي الحنفي المعروف بإمام الهدى، تفقه على الفقيه أبي جعفر الهندواني، وهو الامام الكبير صاحب الأقوال المفيدة والتصانيف المشهورة، له تفسير القرآن وكتاب تنبيه الغافلين وغيرها. (ت ٣٧٥ هـ).
يُنْظَر: الجواهر المضية (٢/ ١٩٦)، سير أعلام النبلاء (١٦/ ٣٢٢)، تاج التراجم (١/ ٣١٠).
(١١) سورة النساء من الآية (١٤٨).
(١٢) يُنْظَر: الجوهرة النيرة (٢/ ٢٠٧)، معين الحكام (١٨٢)، الدر المختار (٦/ ٤٢٤).