للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ففي هذا الحديث وأمثاله دليل لنا على أنَّ الدِّية مقدَّرة بعشرة آلاف؛ لأنَّ بدل الجنين بالاتفاق نصف عشر الدية (١)، وقد قُدِّر ذلك بخمسمائة فعرفنا أن جميع الدية عشرة آلاف، وفيه دليل على أنَّ الحيوان لا يثبت في الذمَّة ثبوتاً صحيحاً بل باعتبار صفة المالية؛ لأنَّه لما أوجب في الجنين عبداً أو أمة نص على مقدار المالية وهو خمسمائة كذا في المبسوط (٢).

(وَهُوَ حُجَّةٌ عَلَى مَن قَدَّرَهَا بِسِتِّمِائَةٍ نَحَوُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ (٣) (٤).

وذكر في «شرح الأقطع» وهذا الخلاف مع اتفاقهم على أنَّها نصف عشر الدية إلا أنَّ الدِّية عندنا مقدرة بعشرة آلاف فنصف عشرها خمسمائة وعنده مقدرة باثني عشر ألفاً فنصف عشرها ستمائة (٥).

(وَهِيَ عَلَى العَاقِلَةِ (٦)، (عِنْدَنَا: إِذَا كَانَت خَمْسَمِائَةِ (٧).

وقيَّد بهذا احترازاً عن جنين الأمة إذا كانت لا تبلغ خمسمائة كذا وجدت بخطِّ شيخي -رحمه الله- لكن هذا لا يتضح لي؛ لأنَّ ما وجب في جنين الأمة هو في مال الضَّارب مطلقاً من غير تقييد بالبلوغ إلى خمسمائة درهم على ما يجيء كذا في «الإيضاح» و «الذَّخيرة» وغيرهما (٨).

والغُرَّة في جنين الحُرَّة لا تكون أقل من خمسمائة فلا يكون في تقييده بقوله: (إِذَا كَانَت خَمْسَمِائَةِ (٩) فائدة حينئذ. والله أعلم.


(١) يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (٢٦/ ٨٧)، بدائع الصنائع (٧/ ٣٢٢)، الهداية شرح البداية (٤/ ١٨٩)، موطأ مالك - رواية محمد بن الحسن (٣/ ٢٥)، المدونة الكبرى (١٦/ ٤٠١)، الذخيرة (١٢/ ٤٠٤)، الأم (٦/ ١٠٣)، المهذب (٢/ ١٩٨)، روضة الطالبين (٩/ ٣٧٧)، شرح منتهى الإرادات (٣/ ٣٠٥)، مطالب أولي النهى (٦/ ١٠٢).
(٢) يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (٢٦/ ٨٧).
(٣) الهداية شرح البداية (٤/ ١٨٩).
(٤) يُنْظَر: المدونة الكبرى (١٦/ ٤٠٢)، الكافي؛ لابن عبد البر (٦٠٥)، الحاوي الكبير (١٢/ ٣٥٦)، روضة الطالبين (٩/ ٣٧٧).
(٥) يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (٢٦/ ٧٩)، تحفة الفقهاء (٣/ ١١٨)، بدائع الصنائع (٧/ ٣٢٥)، الهداية شرح البداية (٤/ ١٨٩)، البناية شرح الهداية (١٣/ ٢١٩).
(٦) بداية المبتدي (٢٤٧).
(٧) الهداية شرح البداية (٤/ ١٨٩).
(٨) قال الإمام البابرتي: وقِيلَ لعَلَّهُ وقَعَ سَهوًا منْ الكَاتِبِ وكَانَ في الأَصْلِ إذْ كانَ خَمسَمِائَةٍ تَعلِيلًا لِكَونِهَا علَى العَاقِلَةِ. يُنْظَر: العناية شرح الهداية (١٥/ ٣١٦).
(٩) الهداية شرح البداية (٤/ ١٨٩).