للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(وَلِأَنَّهُ إِنَّمَا يَتَمَكَّنُ (١) إِقَامَةُ العَمَلِ بِهَا بِأَرْبَعَةِ أَعْيُنٍ (٢) إلى آخره.

والمعتمد في هذا: هو التعليل الأوَّل، ألا ترى أنَّ العينين لا يضمنان بنصف القيمة كذا ذكره فخر الإسلام (٣).

وإنَّما قال: إن العينين لا يضمنان بنصف القيمة؛ لأنَّه ذكر الإمام التمرتاشي -رحمه الله- بقوله: وقيل: لو فقأ [الأخرى] (٤) [أي:] (٥) وفقأهما (٦) معاً تجب القيمة إن سلم الجُثَّة.

وفي «جامع (٧) بكر (٨) -رحمه الله- فقأ عيني الدَّابة، وصاحبها إن شاء تركها على الفاقئ (٩) وضمنه القيمة، وإن شاء أمسكها وضمنه النقصان، وهذا لأنَّ المعمول في هذا (١٠) الباب النص، والنص ورد في عين واحدة فيقتصر عليه (١١).

وأمَّا الجواب عن الشَّاة: فهو أنَّ الشَّاة لا تعمل بل ينتفع بها كما ينتفع بالأمتعة فضمنت بالنقصان من غير تقدير.

وإنَّما قلنا: إنَّ فَقْأَ العين في الشَّاة نقصان وليس بالستهلاك؛ (١٢) لأنَّ المقصود من الشاة اللحم ولا يفوت [شيء منه] (١٣) بفقإ العين وهو عيب يسير فيلزمه نقصان الماليَّة بخلاف ما ذكرنا من البهائم، فإنَّها عاملة كبني آدم لكنها لا تعمل إلا بغيرها، فأشبه الإنسانَ من حيث العمل وأشبه الشَّاةَ من حيث اللَّحم فوجب تنصيف التقدير (١٤) الواجب في الإنسان وهو ربع القيمة في إحدى العينين؛ لأنَّ في الإنسان فيها نصف الدية [فيجب في البهائم فيها نصف الدية] (١٥) فيجب في البهائم فيها نصف النصف وهو ربع القيمة [إذ القيمة] (١٦) فيها جارية مجرى الدية في الإنسان (١٧).


(١) وفي (ب) (يُمْكِنُ)، وهي الموافقة لما في متن الهداية.
(٢) قال في الهداية (٤/ ٢٠٢): بأربعة أعين: عيناها، وعينا المستعمل، فكأنها ذات أعين أربعة فيجب الربع بفوات إحداها.
(٣) يُنْظَر: العناية شرح الهداية (١٥/ ٣٨٣)، حاشية ابن عابدين (٦/ ٦١٠)، تكملة رد المحتار (١٨٤).
(٤) زيادة في (ب).
(٥) سقط في (ب).
(٦) وفي (ب) (أو فقأهما).
(٧) وفي (ب) (الجامع).
(٨) هو: محمد بن الحسين بن محمد بن الحسن البخاري، المعروف ببكر خواهر زاده، سبقت ترجمته (ص ١٣٥).
(٩) وفي (ب) (للفاقئ).
(١٠) (هذا هذا) كذا في (أ).
(١١) وهذه المسألة تسمى: مسألة الجثة العمياء، فعِندَ أبي حنِيفَةَ -رحِمَهُ اللّهُ تعَالَى-: الجُثَّةَ العَمْيَاءَ: تقُومُ مقَامَ الصحيحة لَحمًا ودَمًا وكَذَلِكَ تقُومُ مقَامَ القِيمَةِ لزُومًا وَحَتمًا حتى لا يكُونَ لصاحب الجُثَّةِ العَمْيَاءِ أنْ يُمسِكَ الجُثَّةَ ويَضْمَنَ النُّقْصانَ. وعِنْدَ مُحمَّدٍ -رحِمَهُ اللّهُ تعَالَى- قِيمةُ الْجُثّةِ الْعمْيَاءِ: لا تقُومُ مقَامَ الْجُثّةِ والْعَيْنَيْنِ جميعا، ولَا تكُونُ بدَلًا عنهما حتى إنَّ له أنْ يمْسِكَ الْجُثّةَ ويَرْجِعَ بِقِيمةِ النُّقْصانِ. يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (١٧/ ١٠٤)، الاختيار تعليل المختار (٣/ ٧٢)، تكملة البحر الرائق (٨/ ٣٠٩)، الفتاوى الهندية (٥/ ١٢٣).
(١٢) وفي (ب) (باستهلاك)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.
(١٣) سقط في (ب).
(١٤) وفي (ب) (بتنصيف القدر).
(١٥) سقط في (ب).
(١٦) سقط في (ب).
(١٧) يُنْظَر: الهداية شرح البداية (٤/ ٢٠٢)، العناية شرح الهداية (١٥/ ٣٨٣)، البناية شرح الهداية (١٣/ ٢٦٩، ٢٧٠)، نتائج الأفكار (١٠/ ٣٦١).