للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن قلت: قد ذكر قبل هذا [في الكتاب] (١) (وَلا يَضْمَنُ) أي: الرَّاكب (مَا نَفَحَتْ بِرِجْلِهَا أَوْ ذَنَبِهَا (٢) ثم قال بعدَه: (وَقَالَ أَكْثَرُ المَشَايِخِ: إِنَّ السَّائِقَ لا يَضْمَنُ النَّفْحَةَ [أَيْضاً] (٣) (٤)؛ لأنَّه لا يمكن التحرُّز عنه فلما كانت النَّفحة ممَّا لم يمكن التحرُّز عنها لِمَ وجب الضَّمان ههنا بسبب النَّفحة على النَّاخس؟

قلت: ذاك العذر إنَّما كان في السَّوق والنَّخس بالإذن وأمَّا إذا كان النَّخس بدون الإذن فلا (٥).

وقال في المبسوط: وإذا نخس الرَّجل الدَّابة ولها سائق بغير إذن السَّائق، أي: نخس النَّاخس بغير إذن السَّائق، فنفحت رجلاً فقتلته فالضَّمان على النَّاخس وكذلك لو كان لها قائد؛ لأنَّ النَّاخس متعد في هب (٦) التسبيب بغير أمر القائد والسَّائق وفي حق المتعدِّي لا فرق بين ما يمكن التحرًّز عنه وبين ما لا يمكن فلهذا لزمه ضمان ما نفحت بالرِّجْلِ أو الذنب.

فإن كانا أمراه بذلك فلا ضمان عليه ولا عليهما؛ لأنَّه غير متعد هنا بل هو سائق الدَّابة (٧) بإذن صاحبها وليس على السَّائق ضمان النفحة فأضيف فعل الدَّابة وهو الإتلاف إليه أي إلى النَّاخس (٨).

(وَلِأَنَّ النَّاخِسَ مُتَعَدٍّ فِي تَسْبِيْبِهِ (٩) وإنَّما قلنا: أنَّ النَّاخس مسبب؛ لأنَّ من عادة الدَّابة النفحة والوثبة عند النَّخس.

(لِمَا بَيَّنَّاهُ) وهو قوله: (لأَنَّهُ مُتَعَدٍّ فِي تَسْبِيْبِهِ).

(وَالوَاقِفُ فِي مِلْكِهِ وَالَّذِي يِسِيْرُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ (١٠) أي: يجب الضَّمان عن النَّاخس في كلِّ حال.


(١) سقط في (ب).
(٢) بداية المبتدي (٢٥٠).
(٣) سقط في (ب).
(٤) الهداية شرح البداية (٤/ ١٩٨).
(٥) وبه قال محمد. وعن أبي يوسف -رحمه الله-: أنه يجب الضمان على الناخس والراكب نصفين لأن التلف حصل بثقل الراكب ووطء الدابة، والثاني مضاف إلى الناخس فيجب الضمان عليهما، وإن نخسها بإذن الراكب كان ذلك بمنزلة فعل الراكب لو نخسها، ولا ضمان عليه في نفحتها.
يُنْظَر: المبسوط؛ للشيباني (٤/ ٥٥٩)، تحفة الفقهاء (٣/ ١٢٦)، الهداية شرح البداية (٤/ ٢٠٢).
(٦) وفي (ب) (هذا)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.
(٧) وفي (ب) (للدابة).
(٨) يُنْظَر: المبسوط؛ للشيباني (٤/ ٥٦٠)، المبسوط؛ للسرخسي (٢٧/ ٢).
(٩) الهداية شرح البداية (٤/ ٢٠٢).
(١٠) الهداية شرح البداية (٤/ ٢٠٢).