للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإذا جنى العبد جناية خطأ (١) قيل لمولاه إما أن تدفعه بها أو تفديه.

ثم اعلم أن التقييد بالخطأ [هنا إنما يفيد في جناية العبد في النفس لأنه إذا كان عمدًا يجب القصاص (٢)؛ وأما فيما دون النفس فلا يفيد التقييد بالخطأ] (٣) في هذا الحكم؛ لأن خطأ العبد وعمده فيما دون النفس على السواء؛ فإنه يوجب المال في الحالين؛ لأن القصاص لا يجري بين العبيد والعبيد (٤) ولا بين العبيد والأحرار (٥) فيما دون النفس.


(١) القول الأول في أقسام الجناية على النفس: أنها قسمان: عمد وخطأ؛ وإليه ذهب مالك المدونة (٦/ ٣٠٦)، والقول الثاني: أنها ثلاثة أقسام؛ وإليه ذهب الشافعية (الأم ٦/ ٦) والحنابلة (الكافي ٤/ ٣) وأبوحنيفة في رواية (المبسوط ٢٦/ ٥٩) وبعض المالكية (تفسير القرطبي ٥/ ٣٢٩)، والقول الثالث: أنه أربعة أقسام: عمد وشبه عمد وخطأ وما أجري مجرى الخطأ؛ وهو لبعض الحنفية (بدائع الصنائع ٧/ ٢٣٣) وبعض الحنابلة (المقنع ٣/ ٣٣٠)، القول الرابع: أنها خمسة أقسام: فأضافوا القتل بالتسبب؛ وذهب إليه أكثر الحنفية وهو المختار للمتأخرين منهم (أحكام القرآن للجصاص ٢/ ٢٢٣).
(٢) القصاص يطلق على معان؛ منها: المماثلة، يقال اقتص ولي المقتول من القاتل: استوفى قصاصه؛ أي اقتص له منه بجرحه مثل جرحه إياه أو قتله به. ينظر: طلبة الطلبة (ص/ ٣٢٧).
وفي الاصطلاح: أن يفعل بالفاعل مثل ما فعل. ينظر: التعريفات (ص/ ١٤٦).
(٣) ساقطة من (ج)؛ وإثباتها من (أ) و (ب) هو الصواب.
(٤) في المذهب الحنفي: لا يجري القصاص في الأطراف بين العبدين؛ ويقول ابن عابدين في حاشيته ٥/ ٣٥٦ (ولا بين العبدين للتفاوت في القيمة وإن تساويا فيها فذلك بالحرز والظن وليس بيقين فصار شبهة فامتنع القصاص بخلاف طرف الحرين لأن استواءهما متيقن بتقويم الشرع).
واحتجوا (بما روي أن غلامًا لقوم فقراء قطع أذن غلام لقوم أغنياء فلم يقتص منهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم يجعل له شيئًا) أخرجه أحمد (٤/ ٤٣٨) وأبوداود (٤/ ٧١٢) وأن الأطراف يسلك بها مسلك الأموال فينعدم التماثل بالتفاوت في القيمة؛ ولأن التساوي في الأطراف معتبر في جريان القصاص وأطراف العبيد لا تتساوى.
ينظر: المبسوط (٢٦/ ١١٧)، رد المحتار (١٠/ ٢٠٢)، المغني (١١/ ٤٧٦).
وذهب المالكية والشافعية والحنابلة إلى جريان القصاص في الأطراف بين العبدين.
قال ابن قدامة: «كل شخصين جرى بينهما القصاص في النفس، جرى القصاص بينهما في الأطراف، فيطع الحر المسلم بالحر المسلم، والعبد بالعبد، والذمي بالذمي، والذكر بالأنثى، والأنثى بالذكر، ويقطع الناقص بالكامل، كالعبد بالحر، والكافر بالمسلم … ». واستدلوا بالعمومات وبما روي عن عمر أنه قال: (ويقاد المملوك من المملوك في كل عمد يبلغ نفسه فما دونها) أخرجه عبدالرزاق (١٠/ ٧) والبيهقي ٨/ ٣٨)
ينظر: المدونة (٤/ ٦٠٥)، الأم (٦/ ٧٣)، المغني (١١/ ٥٠١).
(٥) لا يجري القصاص بين الحر والعبد في الأطراف عند الحنفية. ينظر: الأصل (٤/ ٤٩٠)، الهداية (٤/ ٥١٠)، وعند المالكية والشافعية والحنابلة: يقطع الناقص بالكامل كالعبد بالحر؛ ولا يقطع الكامل بالناقص كالحر بالعبد. ينظر: حاشية الدسوقي (٦/ ١٩٧)، الإقناع (٤/ ١٢٧).