للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال زفر (١) هو مختار للدية بمجرد قوله: إنه لفلان؛ لأنه زعم أنه لا سبيل له على دفعه فيجعل به مفوتًا للدفع مختارًا للفداء كما لو أعتقه (٢).

ولكنا نقول هو بكلامه هذا يزعم أنه ليس بخصم في هذه الجناية أصلًا واختياره ينبني على كونه خصمًا، فإذا أثبت بالبينة أنه ليس بخصم فيه صار إثبات ذلك بالبينة كالإثبات بالمعاينة.

وإن لم يقم بينة على ذلك فهو الخصم باعتبار ظهور يده فيه، وهو متمكن من دفعه؛ فيخاطب بالدفع أو الفداء ولا معنى لجعله مختارًا للدية مع تمكنه من الدفع بالجناية.

فإن فداه ثم قدم الغائب أخذ عبده بغير شيء؛ لأن ذا اليد كان أقر بالملك له وقد اتصل تصديقه بذلك الإقرار وقد كان ذو اليد متبرعًا في هذا الفداء فإنه ما كان مجبرًا عليه فلا يرجع بشيء منه على المقر له.

وإن كان دفعه فالغائب بالخيار إن شاء أمضى ذلك وإن شاء أخذ العبد ودفع الأرش؛ لأن تصديقه اتصل بذلك الإقرار فيثبت الملك له ويتبين [أنه] (٣) كان له الخيار.

لجواز أن الأمر كما قال؛ أي لجواز أن يكون العبد عبد المقَر له فيخاطب المقَر له بالدفع إلى ولي الجناية.

وألحقه الكرخي (٤): بالبيع (٥).

وذكر في الإيضاح وقد أطلق أبو الحسن (٦) (٧) أنه يصير مختارًا (٨) وهو رواية خارجة عن الأصول (٩)؛ وإطلاق الجواب وهو قوله ضمن الأقل من قيمته ومن أرشها إلى آخره (١٠).


(١) زفر بن الهذيل بن قيس العنبري فقيه من أصحاب الإمام أبي حنيفة أقام بالبصرة وولي قضاءها وكان كثيرًا ما يتناظر مع أبي يوسف، ت سنة ١٥٨ هـ ينظر: تحفة الفقهاء (٣/ ٢٨)، سير أعلام النبلاء (٨/ ٣٨).
(٢) ينظر: المبسوط (٢٧/ ٤١).
(٣) ساقطة من (أ)؛ وإثباتها من (ب) و (ج) هو الصواب.
(٤) الكرخي: أبو الحسن عبيدالله بن الحسين بن دلال بن دلهم الكرخي، انتهت إليه رئاسة أصحاب أبي حنيفة بعد أبي خازم وأبي سعيد البردعي ت ٣٤٠ هـ. ينظر: الجواهر المضيئة (١/ ٣٣٧).
(٥) ينظر: العناية (١٠/ ٣٤٣)، البناية (١٣/ ٢٨٤).
(٦) في نسخة (ج): الحسن؛ وما أثبت من (أ) و (ب) هو الصواب.
(٧) هو أبو الحسن الكرخي، وقد سبق ترجمته في الهامش (٢) السابق.
(٨) ينظر: العناية (١٠/ ٣٤٣)، البناية (١٣/ ٢٨٤).
(٩) كتب الأصول وهي الكتب الستة المعروفة بكتب ظاهر الرواية. سبق ص ٨١.
(١٠) (فَإِنْ أَعْتَقَهُ الْمَوْلَى وَهُوَ لَا يَعْلَمُ بِالْجِنَايَةِ ضَمِنَ الْأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ وَمِنْ أَرْشِهَا، وَإِنْ أَعْتَقَهُ بَعْدَ الْعِلْمِ بِالْجِنَايَةِ وَجَبَ عَلَيْهِ الْأَرْشُ). ينظر: الهداية (٤/ ٤٨٦)، العناية (١٠/ ٣٤٣)، البناية (١٣/ ٢٨٢).