للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لأن إقدامه على الإعتاق يدل على قصده تصحيح الصلح؛ لأن الظاهر أن (١) من يقدم على تصرف بقصد تصحيحه ولا صحة لهذا الصلح بدون أن يجعل صلحًا عن الجناية؛ لأنه لما رضي بكون العبد عوضًا عن القليل وهو اليد يكون أرضى بكونه عوضًا عن الكثير وهو السراية إلى النفس.

وذكر في بعض النسخ أي في بعض نسخ الجامع الصغير وبه صرح فخر الإسلام (٢): في الجامع الصغير وقال وقد ذكر في بعض نسخ هذا الكتاب هذه المسألة على خلاف هذا الوضع؛ فوجه المخالفة بيَّنا لوضعين هو أن في الوضع الأول الجاني عبد فدفع العبد بدون ذكر لفظ الصلح؛ وفي الثاني الجاني حر والعبد بدل الصلح.

إلى آخر ما ذكرنا من الرواية؛ يعني وإن لم يعتقه رده إلى مولاه ثم يقال لأولياء الجناية إما أن تقتلوا وإما أن تعفوا؛ وهذا الوضع يَرِدُ إشكالًا فيما إذا عفي عن اليد.

والإشارة بقوله وهذا الوضع: إلى الوضع الثاني، وإنما خص هذا الوضع بوروده إشكالًا؛ لأن دفع العبد في هذا الوضع بطريق الصلح، والصلح متضمن للعفو لأنه ينبيء عن الحطيطة (٣) فيكون هذا نظير العفو.

ولا كذلك الوضع (٤) الأول لأن الدفع ثمة ليس بطريق الصلح بل بطريق الدفع؛ فلما لم يكن بطريق الصلح لم يكن فيه حط شيء فلا يرد إشكالًا على مسألة العفو حيث لا يجب القصاص هناك؛ لأنه قال هناك وهو عفو عن النفس؛ وههنا قال يجب لأنه قال وقيل للأولياء اقتلوه، أما إذا أعتقه (٥) فالتخريج (٦) ما ذكرناه وهو قوله لأن إقدامه على الإعتاق يدل على قصده إلى آخره (٧).


(١) في (ج): لأن الصلح هو؛ وما أثبت من (أ) و (ب) هو الصواب.
(٢) فخر الإسلام: علي بن محمد بن الحسين أبو الحسن فخر الإسلام البزدوي، فقيه أصولي من أكابر الحنفية، من أهم مصنفاته: كنز الوصول المعروف بأصول البزدوي ينظر: كشف الظنون (١/ ١٤٥)، الأعلام (٤/ ٣٢٨).
(٣) الحطيطة: ما يحط من جملة الحساب في نقص منه، وتجمع حطائط، يقال حط عنه حطيطة وافية، والحطيطة ما انحط من الدين عن المدين. ينظر: تهذيب اللغة (٣/ ٢٦٨)، معجم لغة الفقهاء (ص/ ٥٠٥).
(٤) في (ب): العفو؛ وما أثبت من (أ) و (ج) هو الصواب.
(٥) في (ج): دفعه؛ وما أثبت من (أ) و (ب) هو الصواب.
(٦) في (ب): فالتحرز؛ وما أثبت من (أ) و (ج) هو الصواب.
(٧) بِخِلَافِ مَا إذَا أَعْتَقَهُ لِأَنَّ إقْدَامَهُ عَلَى الْإِعْتَاقِ يَدُلُّ عَلَى قَصْدِهِ تَصْحِيحَ الصُّلْحِ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ مَنْ أَقْدَمَ عَلَى تَصَرُّفٍ يَقْصِدُ تَصْحِيحَهُ وَلَا صِحَّةَ لَهُ إلَّا وَأَنْ يُجْعَلَ صُلْحًا عَنْ الْجِنَايَةِ وَمَا يَحْدُثُ مِنْهَا.