للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن هذا الطريق رجحنا المروي عن ابن مسعود- رضي الله عنه -على ما رواه الخصم؛ لأنه ليس فيه ذكر المقدار بل فيه قياس سائر الأموال من تبليغ قيمته إلى ما بلغت؛ فكان ذلك الأثر محمولًا على أنهم قالوه من رأيهم، وقياسهم على سائر الحيوانات من الفرس والبقر، أو يحمل ذلك على ما إذا كانت قيمته فيما دون دية (١) الحر والحكم فيه كذلك.

وإنما (٢) وجوبه للمولى لأن المولى يخلفه خلافة الوارث المورث، ولأنه ملك (٣) لماليَّة (٤) قوامها باعتبار هذا المحل؛ فما يجب بمقابلة المحل في حقه يجعل كالواجب بمقابلة المالية.

وأما الرجوع إلى تقويم المقوِّمين فلإظهار المالية التي يظهر النقصان باعتبارها، مع أن الرجوع إلى تقويم المقومين قد يكون فيما يجب بمقابلة النفسية كحكومة العدل (٥) (٦).

وأما الجواب عن قوله: إنه لو قطع يد عبد والعبد يساوي ثلاثين ألفًا ضمن خمسة عشر ألفًا فقد قيل: إن ذلك قول أبي يوسف: في دية العبد أنها تجب بقدر القيمة وإن كثرت، وعن هذا قال محمد (٧): في بعض الروايات: القول بهذا يؤدي إلى أن يجب بقطع طرف العبد فوق ما يجب بقتله وهو قبيح جدًا؛ فلهذا قال: لا يزاد عن نصف بدل نفسه فيكون الواجب خمسة آلاف إلا خمسة.

وقد قيل إن جانب المالية في الأطراف أغلب في الأحرار.

ألا ترى أن الاثنين لا يؤاخذان بواحد في حق الأطراف؛ وبالرق ازداد معنى المالية حتى لم يجز القصاص في أطراف العبيد لهذا، ولأن مجاوزة قدر قيمة الأطراف عن قدر الدية غير ممتنعة في نفسها.

ألا ترى أن إنسانًا لو جدع أنف غيره الحر (٨) خطأ وجبت دية النفس، ثم فقأ عينه وجبت دية أخرى.


(١) في (ج): رقبة؛ وما أثبت من (أ) و (ب) هو الصواب.
(٢) في (ب): وأما؛ وما أثبت من (أ) و (ج) هو الصواب.
(٣) في (أ) و (ج): مالك؛ وما أثبت من (ب) هو الصواب.
(٤) في (أ): بمالكية؛ وما أثبت من (ب) و (ج) هو الصواب.
(٥) في (ب): القتل؛ وما أثبت من (أ) و (ج) هو الصواب.
(٦) حكومة العدل: هي أن تقرب هذه الجناية إلى أقرب الجنايات التي لها أرش مقدر فينظر ذوا عدل من أطباء الجراحات كم مقدار هذه ههنا في قلة الجراحات وكثرتها بالحزر والظن فيأخذ القاضي بقولهما ويحكم من الأرش بمقداره من أرش الجراحة المقدرة. ينظر: بدائع الصنائع (٧/ ٣٢٥)، رد المحتار (٦/ ٥٨١).
(٧) ينظر: المبسوط (٢٧/ ٣٢).
(٨) في (ب): غير الحر؛ وما أثبت من (أ) و (ج) هو الصواب.