للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا معتبر باختلاف السبب هنا أي في الفصل الثاني وهو ما إذا لم يكن للعبد ورثة سوى المولى في العمد؛ لأنه لو اختلف إنما يختلف السبب لأنا لو اعتبرنا حالة الجرح كان سبب استيفاء القصاص للمولى بسبب الملك، ولو اعتبرنا حالة الموت كان الاستيفاء له أيضًا لكن بسبب الولاء ولا اعتبار

له؛ لأن المقصود وهو الحكم الذي هو استيفاء القصاص متحد.

بخلاف تلك المسألة؛ أي مسألة الجارية التي قال رجل لآخر: بعتَني هذه الجارية بكذا؛ لأن ملك اليمين يغاير ملك النكاح (١) حكمًا؛ وذلك لأن النكاح يثبت الحل مقصودًا والبيع لا يثبته، ولو أثبته لا يثبته مقصودًا فاختلف الحكم كما (٢) اختلف السّبب؛ فلذلك لم يثبت الحل.

أو نقول: إن في تلك المسألة ما [تنازعا] (٣) فيه من النكاح والبيع قد لغا لإنكار كل واحد منهما ما ادعاه صاحبه وحلفه على ذلك، ولا يثبت الحل إلا باتفاق هذين الشخصين على ما يوجب الحل ولم يتفقا (٤) وانتفى ما ادعى كل واحد منهما بإنكار صاحبه وحلفه، ثم لو ثبت الحل بعد ذلك إنما يثبت بمجرد البدل والإحلال وذا لا يكفي لحل الوطء.

وأما في مسألتنا لم ينتفِ سبب ثبوت الحق للمولى؛ إذ لم يوجد ما ينفي ذلك من الإنكار والحلف عليه، لكن اشتبه أنه ملك يمين أم ولاء وأحدهما ثابت لا محالة، وذلك يكفي لاستيفاء القصاص.

وهكذا أيضًا فرق شيخ الإسلام جواهر زاده في العتاق بين مسألة القرض (٥) وبين مسألة الجارية، فقال: إذا قال لك: عليّ ألف من قرض؛ فقال المقر له: لا، بل من ثمن بيع؛ فإنه يقضى بالمال لأنا نلغي القرض والبيع لإنكار كل واحد منهما ما ادَّعاه صاحبه (٦)، بقي الإقرار بمطلق المال وذلك كافٍ لاستحقاق المال (٧) فيكون بدلًا من المقر، والبدل يجري في المال كما في القضاء بالنكول (٨).


(١) النكاح: سبق ص ١٦٠
(٢) في (ج): أي؛ وما أثبت من (أ) و (ب) هو الصواب.
(٣) ساقطة من (ج) ففي مكانها (بياض)؛ وإثباتها من (أ) و (ب) هو الصواب.
(٤) في (ب): ولم يتفاوتا؛ وما أثبت من (أ) و (ج) هو الصواب.
(٥) القرض: القطع، وهو ما تعطيه من المال لتقضاه، والقرض لا منفعة للمقرض فيه غير الأجر والشكر وعلى المقترض رده كما أخذه، والعرب تسمي القرض سلفًا. ينظر: الصحاح (٣/ ١١٠٢)، لسان العرب (٧/ ٢١٧) و (٩/ ١٥٩).
(٦) ينظر: العناية (١٠/ ٣٥٨).
(٧) في (ج): الملك؛ وما أثبت من (أ) و (ب) هو الصواب.
(٨) يقال نكل عن العدو: أي جبن عنه، ومراد الفقهاء من هذه اللفظة هو الامتناع عن آداء الشهادة أو حلف اليمين. ينظر: طلبة الطلبة (ص/ ٤٣)، لسان العرب (١١/ ٦٧٨)، معجم لغة الفقهاء (ص/ ٤٨٨).