للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بخلاف مسألة الجارية فإن حِلَّ الوَطء مما لا يثبت بالبدل، والإعتاق لا يقطع السراية لذاته، جوابًا عن قوله، ولأن الإعتاق قاطع للسراية يعني أن كون الإعتاق قاطعًا للسراية إنما هو في صورة الخطأ لا غير؛ لجهالة المقضي له والمقضي به؛ لأنا إن اعتبرنا حالة الحياة تجب القيمة للمولى.

وإن اعتبرنا حالة السراية تجب الدية للمقتول، وجهالة المستحق وهو المقضي له بانفراده تقطع السراية؛ وجهالة المقضي له والمقضي به أولى بخلاف العمد (١)؛ لأن ثمة الواجب في الحالين واحد وهو القصاص، والمستحِق واحد وهو المقتول؛ لأن القصاص إنما يجب من حيث إنه آدمي، والعبد من حيث إنه آدمي يبقى على أصل الحرية إلا أن المولى يستوفي بحكم الخلافة عن العبد، وإذا لم يكن وارث سوى المولى كان المولى متعينًا للخلافة (٢)؛ كذا ذكره الإمام قاضي خان: (٣).

وحصل من هذا كله أن صور من قطع يد عبد غيره فأعتقه المولى ثم مات منه لم تخل عن أربعة أوجه؛ لأن قطع يد العبد في الابتداء لا يخلو إما إن كان عمدًا أو خطأ ثم كل وجه على وجهين.

إما إن كان للعبد وارث سوى المولى أو لم يكن؛ فإن كان له وارث سوى المولى والقطع عمد يقطع الإعتاق (٤) السراية بالإجماع، فلا يجب القصاص لجهالة المقضي له والمقضي به، وإن لم يكن لا يقطعها (٥) عندهما (٦) خلافًا لمحمد (٧).

وإما إذا كان القطع خطأ فالإعتاق يقطع السراية بالإجماع سواء أكان له وارث أم لا، فلا تجب القيمة أو الدية بل يجب نقصان القيمة بالقطع.

وأوقع العتق على أحدهما؛ أي أظهر العتق الذي قاله على وجه الإبهام بقوله: أحدكما حر، وإنما ذكر بلفظ أوقع ليدل به على أن العتق لم يُنَزَّل على واحد منهما معيَّنًا في حق الأرش وإن كان ظهر وقوع العتق على أحدهما في بعض الصور كما في الموت والقتل وغيرهما.


(١) في (ب) و (ج): فصل العمد؛ وما أثبت من (أ) هو الصواب.
(٢) في (ب): للولاية؛ وما أثبت من (أ) و (ج) هو الصواب.
(٣) ينظر: العناية (١٠/ ٣٥٧)، البناية (١٣/ ٣٠٤).
(٤) في (ج): العمد؛ وما أثبت من (أ) و (ب) هو الصواب.
(٥) في (ج): لانقطاعهما؛ وما أثبت من (أ) و (ب) هو الصواب.
(٦) ضمير: عندهما؛ قالا؛ لهما: يرجع إلى الإمامين أبي يوسف ومحمد بن الحسن إذا لم يسبق مرجعه، وقد يراد به أبو يوسف وأبو حنيفة؛ أو أبو حنيفة ومحمد إذا سبق لثالثهما ذكر في مخالفة الحكم. ينظر: المذهب الحنفي لأحمد النقيب (١/ ٣٢٤)
(٧) ينظر: العناية (١٠/ ٣٦٠).