للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ألا ترى أن المشتري لو قطع يد المبيع قبل القبض يصير قابضًا، وبعد الاسترداد لم يوجد ما يقطع السراية فيبرأ الغاصب عن الضمان؛ ثم قال: إلا أن هذا يخالف مذهبنا فإن الغصب لا يقطع السراية ما لم يملك البدل على (١) الغاصب بقضاء أو رضا لأن السراية إنما تنقطع به باعتبار تبدل الملك، وإنما يتبدل الملك به إذا هلك البدل على الغاصب، أما قبله فلا نص عليه في آخر رهن الجامع والباب الثاني من جناياته، إلا أنه إنما ضمن الغاصب هنا قيمة العبد أقطع؛ لأن السراية وإن لم تنقطع فالغصب وَرَدَ على مال متقوّم فانعقد سبب الضمان، فلا يبرأ عنه الغاصب إلا إذا ارتفع الغصب ولم يرتفع؛ لأن الشيء إنما يرتفع بما هو فوقه أو مثله، ويد الغاصب ثابتة على المغصوب حقيقة وحكمًا، ويد المولى باعتبار السراية تثبت عليه حكمًا لا حقيقة لأن بعد الغصب (٢) لم تثبت يده على العبد حقيقة، والثابت حكمًا دون الثابت حقيقة وحكمًا (٣)، ولم يرتفع الغصب باتصال السراية إلى فعل المولى فتقرر عليه الضمان؛ بخلاف ما لو جنى عليه بعد الغصب.

ولم يوجد القاطع (٤) أي قاطع السراية.

كيف وأنه استولى أي كيف لا يكون مستردًّا والحال أنه استولى.

لأن المحجور عليه مؤاخذ بأفعاله أي في حال رقه.

وأما بأقواله فهو غير مؤاخذ بها في حال رقه أعني بالأقوال الأقوال التي توجب المال (٥) لا الأقوال التي توجب القصاص والحدود، فإن العبد فيها بمنزلة الحر بخلاف الإقرار بالمال فإن المحجور عليه إذا أقر بالمال لغيره يؤاخذ به بعد الحرية ولا يؤاخذ به في حال الرِّقيَّة، فكان قوله لأن المحجور عليه مؤاخذ بأفعاله للاحتراز عن أقوال المحجور لا للاحتراز عن المأذون؛ فإن في المؤاخذة بالأفعال في حال الرق المأذون والمحجور سواء؛ لأنه ذكر في باب إقرار العبد بالدين من مأذون المبسوط في تعليل المسألة والعبد مؤاخذ بضمان الغصب في الحال مأذونًا كان أو محجورًا.

فعلى المولى قيمته بينهما أي بين ولي الجنايتين من غير أن يصير مختارًا للفداء لانعدام علم المولى وقت التدبير بجناية تحدث من المُدَبَّر في المستقبل، فصار هذا بمنزلة إعتاق العبد الجاني من غير علم بجنايته فإن فيه الأقل من قيمته ومن الأرش فكذا هنا.


(١) في (ج): عن؛ وما أثبت من (أ) و (ب) هو الصواب.
(٢) في (ب): الغاصب؛ وما أثبت من (أ) و (ج) هو الصواب.
(٣) ينظر: العناية (١٠/ ٣٦٧)، البناية (١٣/ ٣١٧).
(٤) في (أ): القطع؛ وما أثبت من (ب) و (ج) هو الصواب.
(٥) في (ج): الملك؛ وما أثبت من (أ) و (ب) هو الصواب.