للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقوله: لما ذكرنا؛ أراد به قوله لأن الوجوب بالقضاء.

ولنا أن القياس يأباه؛ أي يأبى القياس إيجاب المال بمقابلة النفس.

والشرع ورد به أي ورد بإيجاب المال إذا كان القتل خطأ كما في ولد المغرور، فإن قيمته إنما تجب بقضاء القاضي، وإن كان رد عينه متعذرًا قبل القضاء إلى آخر ما ذكرنا قبيل هذا، ومن لم يكن من أهل الديوان فعاقلته قبيلته؛ لأن نصرته بهم، ولأن حالهم في المعنى (١) حال الذين كانوا على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقد بينا أنه قضى بالعقل على الأقارب، كذا في المبسوط (٢).

وهذه إشارة إلى أنه يزاد على أربعة من جميع الدية؛ لأنه قد (٣) نفى الزّيادةَ على أربعة دراهم في حق السنَة الواحدة لا في ثلاث سنين، فكان المأخوذ من كل واحد في ثلاث سنين أكثر من أربعة دراهم لا محالة؛ لأنه لما أخذ من كل واحد في كل سنة أربعة كان المأخوذ من كل واحد في ثلاث سنين اثني عشر درهمًا في مجموع الدية.

فقد نص محمد: على أنه لا يزاد إلى آخره (٤)؛ يريد بهذا ما استفيد من الحكم من إشارة المختصر (٥) (٦).

وذكر في المبسوط ما يؤيد منصوصَ محمد، فقال: وقد ظن بعض أصحابنا أن التقدير بثلاثة دراهم أو أربعة دراهم فيما يؤخذ منهم في كل سنة وذلك غلط، فقد فسّر ههنا وقال: حتى يصيب الرّجل في عطائه من الدية كلّها أربعة دراهم أو ثلاثة، فعرفنا أنّه لا يؤخذ في كلّ سنة من كل واحد منهم إلا درهم أو درهم وثلث، وإن لم يكن يتسع القبيلة بذلك (٧) ضم إليهم أقرب القبائل إليهم.

قالوا: وهذا الجواب إنما يستقيم في حقّ العربي؛ لأنّ العرب حفظوا أنسابهم، فأمكننا إيجاب العقل على (٨) أقرب القبائل من حيث النسب، أما الأعجمي فلا يستقيم في حقه؛ لأن العجم قد ضيّعوا أنسابهم فلا يمكننا إيجاب العقل على أقرب القبائل من القاتل نسبًا؛ فبعد ذلك اختلف المشائخ (٩)؛ قال بعضهم: يعتبر المَحَال والقُرَى الأقرب فالأقرب، وقال بعضهم: يجب الباقي في مال الجاني، وهذا الّذي ذكرنا كلّه فيما إذا كان للجاني عاقلة، أمّا إذا لم يكن له عاقلة فعقله على بيت المال.


(١) في (ج): العين، وما أثبت من (أ) و (ب) هو الصواب.
(٢) ينظر: المبسوط (٢٧/ ١٣٢).
(٣) في (ب) و (ج): قيد، وما أثبت من (أ) هو الصواب.
(٤) وَقَدْ نَصَّ مُحَمَّدٌ: عَلَى أَنَّهُ لَا يُزَادُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ جَمِيعِ الدِّيَةِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ عَلَى ثَلَاثَةٍ أَوْ أَرْبَعَةٍ فَلَا يُؤْخَذُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ فِي كُلِّ سَنَةٍ إلَّا دِرْهَمٌ أَوْ دِرْهَمٌ وَثُلُثُ دِرْهَمٍ، وَهُوَ الْأَصَحُّ. ينظر: الهداية (٤/ ٥٠٧)، العناية (١٠/ ٣٩٨)، البناية (١٣/ ٣٦٩).
(٥) مختصر القدوري؛ سبق في ص ١١١.
(٦) ينظر: العناية (١٠/ ٣٩٨)، البناية (١٣/ ٣٦٩).
(٧) في (ب): فإن لم يكن متسع القبيلة لذلك، وما أثبت من (أ) و (ج) هو الصواب.
(٨) في (أ): مِن، وما أثبت من (ب) و (ج) هو الصواب.
(٩) يراد به من لم يدرك الإمام أبا حنيفة: من علماء مذهبه، وقد يراد به علماء ما وراء النهر من بخارى وسمرقند وغيرهما. ينظر: المذهب الحنفي لأحمد النقيب (١/ ٣١٣ - ٣١٤).