للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فأجاب عنه بهذا وقال: إنما يدفع (١) العطاء للنساء والصبيان في الديوان باعتبار المعونة لا باعتبار النصرة، أي باعتبار معونة الإمام الصبي والمرأة لا باعتبار نصرتهما غيرهما.

والحاصل أن الاستنصار بالديوان أظهر فلا يظهر معه حكم النصرة بالقرابة والنسب والولاء وقرب السكنى.

وعن هذا قال في المبسوط: ولو أن أخوين لأب وأم ديوان أحدهما بالكوفة وديوان الآخر بالبصرة (٢)، لم يعقل أحدهما عن صاحبه، وإنما يعقل عن كل واحد منهما أهل ديوانه.

وقوله وغيره وهو العد والحلف، وأهل البادية أقرب إليه أي أقرب قرابة، وقيل هو صحيح.

وقوله: هو راجع إلى قوله لم يشترط أن يكون بينه وبين أهل الديوان قرابة.

وقوله: من أهل المصر، بيان لقوله أهل الديوان أي أهل الديوان الذين هم من أهل المصر.

وقيل تأويله إذا كان قريبًا لهم أي ذا قرابة لهم.

وصار نظير مسألة الغيبة المنقطعة يعني أن للولي الأبعد أن يزوج إذا كان الأقرب غائبًا (٣) لا سيّما في المعاني العاصمة كحد السّرقة والقذف (٤) والقصاص ووجوب الدية، وإن لم يكن لهم عاقلة معروفة فالدية في ماله في ثلاث سنين، هذا الذي ذكره في حق الذمي، وأما إذا لم يكن للمسلم عاقلة فالدية في بيت المال؛ لأنه ذكر بعد هذا في الكتاب، قال أصحابنا: إن القاتل إذا لم يكن له عاقلة فالدية في بيت المال، وهو محمول على المسلم لئلا تتناقض الروايتان مع أني وجدت صريحًا بهذا الوجه في الذخيرة (٥)؛ فقال فيها: وإن كان أهل الذمة لا يدينون التعاقل فيما بينهم فإنه تجب الدية في مال الجاني؛ وإذا دانوا التعاقل - إلا أنه لا عاقلة للجاني- كان في مال الجاني ولا يجب في مال بيت المال؛ ثم قال: فرق بين الذمي والمسلم؛ فإن الجاني إذا كان مسلمًا ولا عاقلة له فعقله في مال بيت المال في ظاهر الرواية ولا يجب في مال الجاني، والفرق أن العقل إنما يجب على غير الجاني باعتبار النصرة، ومتى لم يكن للمسلم ديوان ولا قرابة بأن كان لقيطًا (٦) فجماعة المسلمين أهل نصرته، فأمكننا إيجاب عقله في بيت مال المسلمين باعتبار النصرة.


(١) في (أ): يرجع، وما أثبت من (ب) و (ج) هو الصواب.
(٢) البصرة: ثاني أكبر المدن العراقية بعد العاصمة بغداد وتبعد عنها أكثر من خمسمائة كيلو متر، وهي ميناء العراق الرئيسي على الطرف الشمالي من شط العرب. ينظر: معجم ما استعجم (١/ ٢٥٤).
(٣) في (أ): عائدًا، وما أثبت من (ب) و (ج) هو الصواب.
(٤) القذف بالحجارة: الرمي بها؛ والقذف: الرمي بالزنا أو ما كان في معناه. ينظر: مختار الصحاح (ص/ ٢٤٩)، لسان العرب (٩/ ٢٧٧).
(٥) ينظر: العناية (١٠/ ٤٠٩)، البناية (١٣/ ٣٨٣).
(٦) اللقيط: المنبوذ يلتقط لأنه يلقط، وهو الصبي المنبوذ يجده إنسان؛ وهو الطفل الذي يوجد مرميًا على الطرق لا يعرف أبوه ولا أمه. ينظر: لسان العرب (٧/ ٢٩٢ - ٣٩٣)، طلبة الطلبة (٩٢)، المغرب (٤٢٦).