للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فما (١) دونه أي فما دون أرش الموضحة وما دونه حكومة عدل.

ولا تعقل العاقلة جناية العبد هذا من قبيل إضافة المصدر إلى الفاعل بأن يجني العبد على الحر، وأما لو جنى الحر على العبد فقتله خطأ كان على عاقلته؛ لأنه بدل النفس، وبهذا اللفظ يجيء بُعيد هذا في هذا الكتاب.

والإقرار والصلح لا يلزمان العاقلة أي شيء إلا أن في الإقرار تجب الدية في ثلاث سنين، وفي الصلح عن العمد يجب المال حالًا إلا إذا شرط الأجل في الصلح فيكون مؤجّلًا، كذا في فتاوى قاضي خان: (٢) (٣).

ثم ذُكر بعد هذا فيها رجل أقرّ عند القاضي أنه قتل فلانًا خطأ، فأقام ولي القتيل أيضًا بينة أن المدعى عليه قتله وهو المقرّ؛ تقبل هذه البينة لأن البينة تثبت ما ليس بثابت بإقرار المدّعى عليه، ويؤيد بهذه المسألة ما قاله شيخ الإسلام: أن البينة على القتل تقبل عند حضرة الجاني لأنه هو القاتل والعاقلة يتحملون عنه، وحضرة الكفيل لا تشترط بوجوب المال على الأصيل إذا قامت البيّنة على الأصيل، فإنه يجعل القاتل هنا خصمًا مع إقراره، ولم يذكر حضرة العاقلة فلأن يكون خصمًا حالة الإنكار أولى، ودلت المسألة على أن الدية تجب أولًا على القاتل (٤)، ثم يقضى على العاقلة بطريق التحمل؛ لأن الدية لو وجبت [ابتداءً] (٥) على العاقلة كان إقرار القاتل إقرارًا على العاقلة قضي عليه بالدية في ماله في ثلاث سنين من يوم يقضى؛ لأن ما يثبت بالاعتراف لا يتحمله العاقلة … لقوله غ: «ولا اعترافًا» (٦)؛ وهذا لأن إقراره في حقه محمول على الصدق، وفي حق عاقلته محمول على الكذب لكونه متهمًا في حقهم، ثم موجَب الجناية في الأصل على الجاني ثم تتحمله العاقلة عنه للتخفيف عليه، فإذا لم يثبت السّبب في حق العاقلة بقي الواجب عليه باعتبار الأصل، والتأجيل فيه من وقت القضاء لا من وقت الإقرار؛ لأن الثابت بالإقرار بالقتل لا يكون أقوى من الثابت بالمعاينة، وفي القتل المعاين الدية إنما تجب بقضاء القاضي فهنا أولى، كذا في المبسوط (٧).


(١) في (ج): فيما، وما أثبت من (أ) و (ب) هو الصواب.
(٢) فتاوى قاضي خان: وهو: للإمام فخر الدين حسن بن منصور الأوزجندي الفرغاني المتوفى: سنة ٥٩٢. ينظر: كشف الظنون (٢/ ١٢٢٧).
(٣) ينظر: العناية (١٠/ ٤٠٧).
(٤) في (ج): العاقلة، وما أثبت من (أ) و (ب) هو الصواب؛ وبه يستقيم المعنى للسياق بعده.
(٥) ساقطة من (ج)، وإثباتها من (أ) و (ب) هو الصواب.
(٦) أخرجه البيهقي في (السنن الكبرى) كتاب جماع أبواب الديات فيما دون النفس باب منقال: لا تحمل العاقلة عمدا ولا عبدا ولا صلحا ولا اعترافا (٨/ ١٨٢ رقم الحديث: ١٦٣٦١).
وجاء في نصب الراية: روى هذا الحديث ابن عباس، موقوفا، ومرفوعا، فالموقوف من رواية محمد بن الحسن ; والمرفوع غريب; وليس في الحديث: أرش الموضحة، ولكن أخرج ابن أبي شيبة في " مصنفه " عن النخعي قال: (لا تعقل العاقلة ما دون الموضحة، ولا يعقل العمد، ولا الصلح، ولا الاعتراف) انتهى.
وأخرج عبد الرزاق في " مصنفه " عن الشعبي، قال: (أربعة ليس فيهن عقل على العاقلة، وإنما هي في ماله خاصة: العمد، والاعتراف، والصلح، والمملوك) انتهى.
وأخرج عن الزهري، قال: (العمد، وشبه العمد، والاعتراف، والصلح، لا تحمله عنه العاقلة، هو عليه في ماله) انتهى (٤٨٨)، وسنن الدارقطني» كتاب الحدود والديات -باب الحدود والديات (٣/ ٩٩)، وقال الألباني في (إرواء الغليل) (٧/ ٣٣٦): "حسن".
(٧) ينظر: المبسوط (٢٧/ ١٣١).