للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ومن نظيره أيضًا الغلام إذا حفر بئرًا قبل أن يعتق أبوه ثم أعتق أبوه ثم سقط في البئر رجل بعد ما أعتق أبوه، فإنّ القاضي يقضي بالدية على عاقلة الأم ولا يجعل على عاقلة الأب من ذلك شيئًا؛ لأنّ الحادث بعد الحفر ولاء العتاقة فيعتبر بالملك، والحفر لو وجد في ملك ثم حدث فيه ملك آخر للغير قبل الوقوع، فإنّ (١) الجناية لا تتحوّل إلى الملك الحادث بل تبقى في الملك الذي وجد فيه الحفر، فإنّ العبد إذا حفر بئرًا في طريق المسلمين بغير إذن مولاه فَقَبْلَ أن يقع فيه إنسان باعه ثم وقع في ملك المشتري إنسان فمات، فالضّمان على البائع لا على المشتري؛ لأنّ ملك المشتري حادث بعد الحفر؛ فكذا الولاء الحادث بعد الحفر يعتبر به فلا تتحول الجناية كذا في المبسوطين (٢).

وإن ظهرت حالة خفية مثل دعوة ولد الملاعنة حوّلت الجناية إلى الأخرى وقع القضاء بها أو لم يقع؛ يعني إذا قتل ابن الملاعنة رجلًا خطأ فعقلت عنه عاقلة الأم، ثم ادّعاه الأب، ثبت نسبه منه ورجعت عاقلة الأم بما أدت على عاقلة الأب في ثلاث سنين من يوم يقضي القاضي لعاقلة الأم على عاقلة الأب بها؛ لأن النسب كان ثابتًا بالفراش وقد انقطع النسب عنه بقضاء القاضي، ولكن بقي أصل النسب موقوفًا على حقه (٣) حتى إن ادّعاه غيره لم يثبت منه، وإذا ادّعاه هو ثبت النسب منه مع كونه مناقضًا وإن كذبته الأم في ذلك، وإنما يثبت النسب منه من وقت العلوق (٤) لا من وقت الدّعوة، فتبيّن به (٥) أن عقل جنايته كانت على عاقلة أبيه، وعاقلة الأم ما كانوا متبرعين فيما أدّوا بل أجبروا عليه بقضاء القاضي فثبت لهم حق الرّجوع على عاقلة الأب.

ومن نظيره أيضًا ما إذا مات المكاتب عن ولد حرّ ووفاء فلم يؤدّوا مكاتبته [حتى] (٦) جنى ابنه، وابنه من امرأة حرّة مولاة لبني تميم والمكاتب لرجل من همدان، فعقل عنه جنايته قوم أمّه ثم أديت الكتابة، فإن عاقلة الأم يرجعون بما أدوا على عاقلة الأب؛ لأن عتق المكاتب عند أداء البدل يستند إلى حال حياته؛ فتبين أنه كان للولد ولاء من جانب الأب حين جنى وأن موجب جنايته على مولى أبيه فلذلك يرجعون على موالي الأب.


(١) في (ب): عن، وما أثبت من (أ) و (ج) هو الصواب.
(٢) ينظر: العناية (١٠/ ٤٠٩، ٤١٠).
(٣) في (ب): غيره، وما أثبت من (أ) و (ج) هو الصواب.
(٤) العلقة طور من أطوار الجنين؛ وهي قطعة الدم التي يتكون منها. ينظر: المصباح المنير (٢/ ٤٢٥)، المعجم الوسيط (٢/ ٦٢٢).
(٥) في (ج): فلا يتبين به، وما أثبت من (أ) و (ب) هو الصواب.
(٦) ساقطة من (ب)، وإثباتها من (أ) و (ج) هو الصواب.