للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وأما شرعًا فالوصية تمليك مضاف إلى ما بعد الموت بطريق التبرّع (١)، سواء كان ذلك في الأعيان أو في المنافع، ولأنّ التمليك أنواع فلابدّ لكلّ نوع من اسم خاص ليميز به عن صاحبه كالبيع والهبة والصّدقة والعاريّة (٢)، كل واحد منها تمليك بنوع مخصوص فكذا الوصيّة.

وذكر في الإيضاح الوصية ما أوجبها الموصي في ماله بعد موته أو مرضه الذي مات فيه (٣)، أمّا ما أوجبه بعد الموت فيعتبر من الثّلث، سواء كان الإيجاب في حالة المرض أو في حالة الصّحة؛ لأنّ الإيجاب مضاف إلى ما بعد الموت، فيعتبر حال وقوعه ولا يعتبر حال الإضافة.

وأمّا التّبرّع فيعتبر حالة العقد فيه، فإن كان صحيحًا جاز من جميع المال، وإن كان مريضًا جاز من الثلث؛ [لأنّه] (٤) لم يضف إلى حالة مستقبلة، وإنما أوجبه للحال فتعتبر حالة الإيجاب، وكل مرض صح منه فهو كحال الصّحة فيما أوجبه من جميع المال.

وأما سببها فإرادة ما ذكرناه من المحاسن والدين (٥) في الدّنيا والآخرة، فكان سببها عين سبب ما ذكرنا من التبرّعات والتطوّعات، وهو إرادة تحصيل ذكر الخير في الدّنيا ووصول الدرجات العالية في العقبى.


(١) يعرف الأحناف الوصية بأنها: "تمليك مضاف إلى ما بعد الموت. ينظر: العناية شرح الهداية، ج ١٠، ص ٤١٣، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق، ج ٦، ص ١٨٣.
ويعتمد المالكية في تعريفهم للوصية على تعريف ابن عرفه المالكي، حيث عرفها باعتبار عرف الفقهاء لا الفرّاض على أنها "عقد يوجب حقا في ثلث عاقده يلزم بموته أو نيابة عنه بعده. ينظر: شرح حدود ابن عرفه، ج ٣، ص ٧٧.
ويعرف الشافعية الوصية بأنها " تبرع بحق مضاف ولو تقديرا لما بعد الموت ليس بتدبير ولا تعليق عتق. ينظر: أسنى المطالب شرح روض الطالب،، ج ٣، ص ٣٠، مغني المحتاج إلى معرفة ألفاظ المنهاج، ج ٤، ص ٦٧، حاشية البجيرمي على شرح منهج الطلاب، ج ٣ ص ٢٦٦، حاشية الجمل على شرح المنهج، ج ٤، ص ٤١.
ويعرف الحنابلة الوصية على أنها من نوعين، يتضح من نصهم في معرض التعريف بكتاب الوصايا عبارة "وهي الأمر بالتصرف بعد الموت، والوصية بالمال: هي التبرع به بعد الموت. ينظر: الإنصاف، ج ٧ ص ١٨٣، شرح منتهى الإرادات، ج ٢، ص ٤٥٣، كشاف القناع عن متن الإقناع،، ج ٤، ص ٣٣٥.
(٢) في (ج): والمضاربة، وما أثبت من (أ) و (ب) هو الصواب.
(٣) ينظر: تكملة فتح القدير (١٠/ ٤١١).
(٤) ساقطة من (ب)، وإثباتها من (أ) و (ج) هو الصواب.
(٥) في (ج): والتزين؛ وفي (ب): والزين، وما أثبت من (أ) هو الصواب.