للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

واستدلَّ في الكشَّاف (١) (٢) على وجوب الوصيَّة بوجه آخر في قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ} (٣)، فقال وإذا حضر ظرف للشهادة وحين الوصيَّة بدل منه؛ وفي إبداله منه دليل على وجوب الوصية وأنها من الأمور الَّلازمة التي ما ينبغي أن يتهاون بها المسلم ويذهل عنها؛ يعني أنّ حضور الموت من الأمور الكائنة الَّتي لا مجال لدفعها فيثبت بدون الاختيار، ثم لو قلنا في حقِّ الوصية كذلك لارتفع التكليف فانتقل إلى الوصف الذي هو حامل على الوجود وهو الوجوب، كما أن موجب الأمر الإيجاب لأنَّه داعٍ إلى الوجود.

وقوله: ومثله في الإجارة أي عقد إضافة إلى زمان في المستقبل وبهذا ثبت شرعيَّتها؛ وإن [كان] (٤) القياس يأبى جوازها كما في الإجارة؛ ولا يجوز بما زاد على الثلث لقوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث سعد بن أبي وقَّاص ط؛ ذكر في المبسوط سعد بن مالك (٥) مكان سعد بن أبي وقَّاص فقال: والدَّليل على أن محلّ الوصيّة النافذة شرعًا ثلث المال ما رواه من حديث سعد بن مالك أنَّه قال: «يا رسول الله، أؤصي بمالي كلّه؛ فقال: لا؛ قال: فبنصفه؛ قال: لا؛ قال: فبثلثه؛ فقال: الثّلث والثلث كثير، إنَّك إنْ تَدَع ورثتك أغنياءَ خير من أن تدعَهم فقراءَ يتكففون النَّاس -وفي رواية: يتكفكفون» (٦).


(١) ينظر: الكشاف (١/ ٦٨٧).
(٢) هو الكشاف عن حقائق التنزيل للإمام العلامة أبي القاسم جار الله: محمود بن عمر الزمخشري الخوارزمي. المتوفى: سنة ٥٣٨. ينظر: كشف الظنون (٢/ ١٤٧٥).
(٣) سورة المائدة: ١٠٦.
(٤) ساقطة من (ب)، وإثباتها من (أ) و (ج) هو الصواب.
(٥) هو: أبو سعيد الخدري سعد بن مالك بن سنان بن ثعلبة بن عبيد بن الأبجر بن عوف بن الحارث بن الخزرج، الإمام المجاهد مفتي المدينة، واسم الأبجر: خدرة، وقيل: بل خدرة هي أم الأبجر. وأخو أبي سعيد لأمه هو: قتادة بن النعمان الظفري أحد البدريين. استشهد أبوه مالك يوم أحد وشهد أبو سعيد الخندق وبيعة الرضوان. وحدث عن النبي - صلى الله عليه وسلم -فأكثر وأطاب، وعن: أبي بكر وعمر وطائفة. وكان أحد الفقهاء المجتهدين. ينظر: سير أعلام النبلاء (٣/ ١٦٩)، تاريخ الإسلام (٢/ ٨٩٥).
(٦) أخرجه البخاري في (صحيحه) كتاب الوصايا باب أن يترك ورثته أغنياء خير من أن يتكففوا الناس (٤/ ٣ رقم الحديث: ٢٧٤٢)، ومسلم في (صحيحه) كتاب الوصاية باب الوصية بالثلث، (٣/ ١٢٥٠ رقم الحديث: ١٦٢٨).