للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

إلَّا أنَّ الشَّرع لم يظهر؛ أي استغناءه.

وأظهره؛ أي استغناءه في القليل والكثير.

تحرّزًا أي أظهره تحرزًا عمَّا يتفق من الإيثار أي تحرّزًا عمَّا يوجد من تأذي البعض وقطيعة الرَّحم بحسب اتفاق الحال بسبب (١) إيثار البعض [على البعض] (٢)، على ما نبينه وهو قوله بعد مقدار صفحة؛ ولأنه يتأذى البعض بإيثار البعض.

وقد جاء في الحديث الحيْف؛ وروي بالحاء المهملة وسكون الياء وهو الظلم، وروي الجَنَف بالجيم والنون المفتوحتين وهو المَيْل؛ ومنه قوله تعالى: {فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا} (٣) فكان لهم أن يردوه بعد وفاته أي فكان للورثة أن يردوا ما أجازوه حالَ حَياة الموصي من الوصيَّة الزَّائدة على الثلث بَعدَ موت الموصي بخلاف ما بعد الموت؛ يعني لو أجازت الورثة الوصية الزائدة على الثلث بعد موت الموصي ثم أرادوا ردَّ ما أجازوه (٤) ليس لهم ذلك؛ لأنَّهم أجازوا بعد ثبوت الحق لهم فصادفت الإجازة محلَّها فلا يُردّ بعدَ ما وقعت في محلها.

وقوله: لأن السَّاقطَ مُتَلاشٍ؛ في وصل شيخي: كان هو موصولًا بقوله: فكان لهم أن يردوا ما أجازوه في حال حياة مورثهم؛ لأن إجازتهم في ذلك الوقت كانت ساقطة لعدم مصادفتها محلها، وكلُّ ساقط في نفسه مضمحل ومتلاش؛ فلذلك كان لهم أن يردوا بعد موت المورث ما أجازوه في حال حياة المورث.

ثم قال: غاية الأمر أنَّه يستند عند الإجازة جوابًا لشبهة ترد على ذلك التَّقدير بأن يقال كيف تكون تلك الإجازة ساقطة في نفسها مع أن حق الورثة قد ثبت بمال المورث من أول المرض لكن على سبيل التوقف.

ألا ترى أن ذلك التعلق أثر في حق تصرف المورث في ماله حتَّى لم يصح تصرفه في الثلثين لكن ذلك على سبيل التوقف؛ فلما مات ظهر أن الإجازة صادفت محلها فصار إجازتهم وقتَ حياة المورِث بمنزلة إجازتهم بعد موت المورث بسبب الاستناد، ولو أجازوا بعد موت المورِث لم يكن لهم الرد بعد ذلك، فكذلك لو أجازوا قبلَ موته فأجاب عنه وقال: الاستناد إنما يظهر في حق القائم فإجازتهم حينَ وقعت في حال حياة المورث وقعت باطلةً ولغوًا؛ وما وقع لغوًا لا يكون قائمًا في نفسه فلا يظهر في حقه الاستناد؛ إلى هذا التقدير أشار فخر الإسلام في المبسوط (٥).


(١) في (ب): ليست، وما أثبت من (أ) و (ج) هو الصواب.
(٢) ساقطة من (ب)، وإثباتها من (أ) و (ج) هو الصواب.
(٣) سورة البقرة: ١٨٢.
(٤) في (ج): ثم أرادوا الرجوع، وما أثبت من (أ) و (ب) قريب من معناه.
(٥) ينظر: حاشية الشلبي على تبيين الحقائق (٦/ ١٨٣)، البناية (١٣/ ٣٩٣).