للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال: قال (١) ابن أبي ليلى (٢) ليس لهم أن يرجعوا في الوجهين جميعًا؛ لأن حقهم قد ثبت في مرض الموت (٣) فإذا مات ظهر أنهم أسقطوا حقهم بعد موته فصح.

وقلنا: حقهم يثبت عند الموت ويستند إلى أوَّل المرض لكن الاستناد يعمل في القائم وتصرفهم حين وقع إجازة وقع لغوًا (٤)؛ لأنَّه لَا حَقَّ لهم حقيقةً [حينئذ] (٥) فلا يثبت له حكم الإجازة وهو منتقض.

وقوله لكن الاستناد يظهر في القائم كما في العقود الموقوفة إذا لَحقتها الإجازة، وكثبوت الملك في الغصب حين أدَّى ضمانه فيثبت الملك فيها مستندًا إلى أوَّل العقد والغصب، وأمَّا ههنا قد مضت الإجازة وتلاشت حين وقعت فلا يلحقها الاستناد.

فإن قلت: لا شك أن حق الورثة قد تعلق بمال المورث من أول المرض حتى منع (٦) ذلك التعلق تصرفَ المورِث من الكل إلى الثلث فيجب أن يظهر أثر ذلك التعلق في حق إسقاط حقهم بالإجازة أيضًا وألا يكون حال الوارث ههنا أدنى درجة من حال الوارث إذا عفى جارح أبيه [قبل موت أبيه] (٧) فإنه يصح.

وكذلك لو أجاز المرتهن بيع الرَّاهن الرهن يصح (٨) مع أن العفو والإجازة فيهما قبل الملك أيضًا؛ لكن ثبت فيهما نوع تعلُّق بما تصرفا فصح لذلك فكذا ههنا؛ وهذا لأن حق الوارث إنما يثبت في ماله بالموت؛ ولكن سبب موته المرض، وكما أقيم هذا السبب مقام حقيقة الموت في منع المورث من التصرف المبطل لحق الوارث فكذلك يقام مقامه في صحة إسقاط الحق من الوارث بالإجازة.

قلتُ: نعم كذلك إلا أن إسقاط الحق قبل وجود السبب لا يجوز ونفس المرض ليس بسبب لتعلق حقه بماله بل السَّبب مرض الموت، ومرض الموت ما يتصل به الموت وهنا الاتصال موهوم؛ فكان هذا إسقاطًا للحق قبل تقرّر السبب؛ وهذا لأن عمل الإجازة في العقد الموقوف في إزالة الملك؛ وإزالة الملك إنما تصح من المالك إما حقيقة أو حكمًا؛ والوارث قبل موت المورث ليس بمالك لا حقيقة وهو ظاهر لأن الورثة لا يملكون التركة (٩) قبل موت المورث حتى لو أعتق الوارث عبدًا [من التركة] (١٠) قبل موت المورث لا ينفذ عتقه، ولا حكمًا أيضًا لأن سبب ملك الورثة في تركة المورث [موت المورث] (١١)؛ لأنهم يملكون التركة من وقت الموت لا من وقت المرض.


(١) في (أ): وقال ابن أبي ليلى، وما أثبت من (ب) و (ج) بزيادة (قال) قريب من معناه.
(٢) ينظر: حاشية الشلبي (٦/ ١٨٣)، البناية (١٣/ ٣٩٣).
(٣) في (أ): المورث، وما أثبت من (ب) و (ج) هو الصواب.
(٤) اللغو: السقط وما لا يعتد به من كلام وغيره ولا يحصل منه على فائدة ولا نفع. ينظر: لسان العرب (١٥/ ٢٥٠).
(٥) ساقطة من (ب)، وإثباتها من (أ) و (ج) هو الصواب.
(٦) في (ج): يقع، وما أثبت من (أ) و (ب) هو الصواب.
(٧) ساقطة من (أ)، وإثباتها من (ب) و (ج) هو الصواب.
(٨) في (أ): لو أجاز المرتهن بيع الراهن يصح؛ وفي (ج): بيع الرهن، وما أثبت من (ب) قريب من ذلك.
(٩) التركة لغة: التَرِكة في اللغة بفتح التاء وكسر الراء، ما يتركه الميت من ممتلكاته بعد موته، وتخفّف بكسر التاء وسكون الراء ينظر: المصباح المنير (١/ ٧٤).
والتركة في اصطلاح الفقهاء: (ما تركه الميت من الأموال صافيًا عن تعلق حق الغير بعين من المال) هذا ما عرّفها به الحنفية. ينظر: ابن عابدين ٦/ ٧٥٩
وعرّفها المالكية بأنها: (حق يقبل التجزي يثبت لمستحق بعد موت من كان ذلك له). ينظر: الشرح الكبير في هامش الدسوقي عليه ٤/ ٤٥٧.
وعرفها الشافعية بأنها: (ما يخلّفه الميت). ينظر: النجم الوهاج (٦/ ١١١).
(١٠) ساقطة من (ب)، وإثباتها من (أ) و (ج) هو الصواب.
(١١) ساقطة من (أ)، وإثباتها من (ب) و (ج) هو الصواب.