للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ومنهم من قال: في المسألة روايتان، قال شيخ الإسلام وهو الأصح كذا في الذخيرة (١).

وجعل الإمام المحقق شمس الأئمة السرخسي: في المبسوط الاختلاف هو الأصح، فقال: والأصح ما ذكره المعلَّى (٢)

في نوادره (٣)، أن على قول أبي يوسف الجحود يكون رجوعًا عن الوصية، وعلى قول محمد لا يكون رجوعًا، كذا في الباب الأول من وصايا المبسوط (٤).

ولمحمد أن الجحود نفي في الماضي إلى آخره (٥).

فتأخير دليل محمد: يدل على أن المصنف: اختار قول محمد:، ولكنه ذكر في الذخيرة فقال: وما ذكر في الوصايا هو الأصح وهو قول أبي يوسف: على ما ذكرنا؛ فوجهه الأصح أن الجحود كذب حقيقة، إلا أنه يحتمل الفسخ مجازًا، فيحمل على المجاز وهو الفسخ صيانة لكلام العاقل عن الإلغاء بقدر الممكن، وأمكن حمله على الفسخ؛ لأن الموصي ينفرد بفسخ الوصية.

بخلاف البيع والإجارة إذا جحد أحد المتعاقدين؛ لأن هناك تعذر حمله على الفسخ، لأن أحد المتعاقدين هناك لا ينفرد بالفسخ حتى لو تجاحدا، نقول بانفساخ العقد.

وبخلاف ما لو جحد الزوج النكاح من الأصل بأن قال: لم أتزوجكِ؛ لأن هناك تعذر حمله على الفسخ أيضًا، لأن النكاح لا يحتمل الفسخ ولا يمكن أن يجعل كناية عن الطلاق إذ ليس بينهما مشابهة؛ لأن الجحود ينفي العقد والطلاق يقطع العقد ولا ينفي، وتعذر إثبات الطلاق بطريق الإضمار؛ لأنه إنما تصح نية (٦) الإضمار فيما لو صرح به يستقيم؛ ولو صرح بالطلاق فقال: لم أتزوجك لأني طلقتك لم يصح.

بخلاف قوله: لا نكاح بيني وبينك أو لست لي بامرأة أو ما أنا بزوجك، ونوى الطلاق على قول أبي حنيفة: لأن هناك أمكن إضمار الطلاق.


(١) ينظر: المبسوط (٢٧/ ١٦٣).
(٢) هو المعلى بن منصور الرازي أبو يعلى: من رجال الحديث، المصنفين فيه. ثقة نبيل، من أصحاب أبي يوسف ومحمد بن الحسن صاحبي أبي حنيفة. حدث عنهما وعن غيرهما، وأخذ عنه كثيرون. وطلب للقضاء غير مرة فأبى. سكن بغداد توفي سنة ٢١١ هـ. من كتبه: "النوادر" و"الأمالي" كلاهما في الفقه. ينظر: التاريخ الكبير (٧/ ٣٩٤)، تاريخ بغداد (١٣/ ١٨٨)، سير أعلام النبلاء (١٠/ ٣٦٧).
(٣) ينظر: المبسوط (٢٧/ ١٦٣).
(٤) ينظر: المبسوط (٢٧/ ١٦٣).
(٥) وَلِمُحَمَّدٍ أَنَّ الْجُحُودَ نَفْيٌ فِي الْمَاضِي وَالِانْتِفَاءُ فِي الْحَالِ ضَرُورَةُ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ ثَابِتًا فِي الْحَالِ كَانَ الْجُحُودُ لَغْوًا. ينظر: الهداية (٤/ ٥١٧)، العناية (١٠/ ٤٣٨)، البناية (١٣/ ٤١٣).
(٦) في (ج): منه، وما أثبت من (أ) و (ب) قريب منه.