للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولما صرف (١) الهلاك إلى نصيب الوارث بقي الدرهم الباقي حقًّا للموصى له فيأخذه بخلاف العبيد والدور والأثواب المختلفة؛ لأنها لا تقسم قسمة واحدة حتى لو طلب بعض الشركاء قسمة العبيد الثلاثة من القاضي وأبى الباقون لم يجبر القاضي الباقين على القسمة؛ لأن الغرض من القسمة الانتفاع فلابد من المعادلة في الإجبار على القسمة وذلك في العبيد متعذر لما فيها من التفاوت العظيم في المنفعة (٢)، …

وإذا لم تجز فيها القسمة تعذر صرف الهلاك (٣) إلى نصيب الورثة وجعل الباقي حقًّا للموصى له لأن ذلك نوع قسمة، وإذا تعذر تحقيق القسمة من هذا الوجه بقي الكل مشتركًا بين الورثة والموصى له أثلاثًا، فما هلك يهلك على الشركة وما بقي يبقى على الشركة أثلاثًا، فلهذا كان للموصى له ثلث العبد الباقي أو ثلث (٤) الثوب الباقي في الأثواب المختلفة لعدم احتمالها القسمة، وإن لم يخرج دفع إليه ثلث العين وكل ما يخرج شيء من الدين أخذ ثلثه.

فإن قلت: كان ينبغي أن لا يستحق الموصى له بألف درهم شيئًا من الدين [الذي أخذ] (٥)؛ لأن الموصي أوصى له بألف درهم وهو مال والدين ليس بمال.

ألا ترى أن من حلف ألا مال له وله ديون على الناس لا يحنث، ولأنه لما لم يثبت حقه في الدين قبل أن يخرج فكيف يثبت حقه فيه إذا خرج.

قلتُ: أما الجواب عن الأول فإنه إذا لم يكن مالًا قبل الخروج فهو من مال الميت بعد الخروج، والموصى له كان شريكًا للوارث في مال الميت، وبعد الخروج صار الدين مالًا فيشركه الموصى له فيه، وأما عن الثاني فإن عدم ثبوت الحق قبل خروجه مالًا لا يوجب عدم ثبوت حقه في الدين بعد خروجه مالًا، فإن مثل هذا غير ممتنع (٦).


(١) في (ج): ضرب، وما أثبت من (أ) و (ب) هو الصواب.
(٢) النَّفْعُ ضِدُّ الضُّرِّ، يُقَالُ: (نَفَعَهُ) بِكَذَا (فَانْتَفَعَ) بِهِ وَالِاسْمُ (الْمَنْفَعَةُ) وَبَابُهُ قَطَعَ، والْمَنْفَعَة كل مَا ينْتَفع بِهِ، المنفعة: بفتح الميم ج منافع، والنفع ضد الضر، الخير وافق هوى النفس أو لم يوافق. ينظر: مختار الصحاح (٣١٦)، المعجم الوسيط (٢/ ٩٤٢)، معجم لغة الفقهاء (٤٦٥).
(٣) في (ج): الهالك، وما أثبت من (أ) و (ب) قريب من معناه.
(٤) في (ب): وثلث، وما أثبت من (أ) و (ج) هو الصواب.
(٥) ساقطة من (أ) و (ب)، وإثباتها من (ج) هو الصواب.
(٦) في (ب): فإن مثل هذا ممتنع، وما أثبت من (أ) و (ج) هو الصواب.