للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعلى هذا يُخرَّج كثير من المسائل، [فمن تلك المسائل] (١) ما ذكره في المبسوط بقوله: لو قال: بقفيز حنطة من مالي أو بثوب من مالي، فإنه يصح الإيجاب وإن لم يكن ذلك في ملكه، [بخلاف ما إذا قال: من حنطتي أو من ثيابي إذا لم يوجد ذلك في ملكه] (٢) أو [هلك] (٣) قبل موته فلا شيء للموصى له، والفرق ما ذكرناه، ومن أوصى بثلث ماله لأمهات أولاده إلى أن قال: وأصله أن الوصية لأمهات الأولاد جائزة.

قال الإمام قاضي خان: والإمام المحبوبي: أما جواز الوصية لأمهات أولاده لأن أوان ثبوت الوصية وعملها (٤) بعد الموت وهن حرائر بعد الموت، فتجوز الوصية لهن كما لو أوصى لمدبر (٥) نفسه أو مكاتب نفسه، بخلاف الهبة لأم الولد أو الإقرار لها بالدين حيث يبطل من المولى؛ لأنها باقية على ملكه وكسبها له بمنزلة كسب القن (٦).

فإن قلت: إنه لا حاجة لهذين الإمامين (٧) إلى هذا التعليل في أم الولد بأنها تعتق بعد موت المولى، فكانت الوصية واقعة للحرة مع أن الوصية بثلث ماله لعبد نفسه جائزة بدون هذا التكلف، ذكره في باب الوصية في العتق من وصايا المبسوط (٨)، والعبد لا يعتق بموت المولى.

قلتُ: المعنى المجوَّز فيهما مختلف ففي العبد إنما جازت الوصية له بثلث المال باعتبار أن الوصية تتناول ثلث رقبته فإن رقبته من ماله، فكانت الوصية له بثلث ماله بمنزلة إعتاقه ثلث رقبته، ولا خلاف لأحد في جواز إعتاق ثلث رقبته، إنما الخلاف في أنه يجري في الإعتاق أم لا يجري، وهو معروف.

وأما أم الولد فإنها غير محتاجة إلى عتقها بسبب الوصية لها بثلث المال بل تعتق هي بموت المولى، وإن لم تكن الوصية لها بثلث المال [فكانت الوصية لها بثلث المال] (٩)، إنما تقع في مال غير رقبتها بمنزلة الوصية بثلث المال لحر آخر، فكانت الوصية لها بثلث المال عبارة عن تمليك مال مضاف إلى ما بعد الموت، فلابد أن يكون أهلًا للتمليك والأهلية له إنما تثبت بالحرية فلابد من التعليل بذلك.


(١) ساقطة من (ب)، وإثباتها من (أ) و (ج) هو الصواب.
(٢) ساقطة من (أ)، وإثباتها من (ب) و (ج) هو الصواب.
(٣) ساقطة من (ج)، وإثباتها من (أ) و (ب) هو الصواب.
(٤) في (أ): وعلمها، وما أثبت من (ب) و (ج) هو الصواب.
(٥) في (ب): المدبر، وما أثبت من (أ) و (ج) هو الصواب.
(٦) الْقِنُّ: مِنْ الْعَبِيدِ الَّذِي مُلِكَ هُوَ وَأَبَوَاهُ وَكَذَلِكَ، وَعَنْ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ عَبْدٌ قِنٌّ أَيْ خَالِصُ الْعُبُودَةِ وَعَلَى هَذَا صَحَّ قَوْلُ الْفُقَهَاءِ لِأَنَّهُمْ يَعْنُونَ بِهِ خِلَافَ الْمُدَبَّرِ وَالْمُكَاتَبُ. ينظر: المغرب (٣٩٥).
(٧) في (ب): أي حاجة دعت هذين الإمامين، وما أثبت من (أ) و (ج) قريب من معناه.
(٨) ينظر: المبسوط (٢٧/ ١٥٣)، العناية (١٠/ ٤٥١)، البناية (١٣/ ٤٢٨).
(٩) ساقطة من (ج)، وإثباتها من (أ) و (ب) هو الصواب.