للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والمعتبر في فساد الإقرار وجوازه كون المقَر له وارثًا للحال لأن الإقرار تمليك للحال فمتى كان المقَر له وارثًا يوم الإقرار لا يصح إقراره إذا كان المقِر مريضًا كذا في المغني (١).

وقد ذكرنا قبل هذا منقولًا من المبسوط إن صار الوارث وارثًا بسبب تجدد بعد الإقرار كان الإقرار صحيحًا وإن ورث بسببٍ كان قائمًا وقت الإقرار لم يصح الإقرار.

وقال زفر إقراره باطل أيضًا لأن إقرار المريض بمنزلة التمليك ولهذا لا يصح للوارث.

ولنا أن الإقرار يثبت الحكم بنفسه أي من غير أن يتوقف إلى شرط زائد كالموت في باب الوصية.

ولا يبطل بالدين أي الإقرار لا يبطل بالدين، إلا أن الثاني يؤخر عنه أي تنفيذ حكم الإقرار في حالة المرض يؤخر عن تنفيذ حكم الإقرار الذي في حالة الصحة.

بخلاف الوصية أي تبطل الوصية التي أوصى لامرأة أجنبية بشيء ثم تزوجها ثم مات وهي امرأته؛ لأنه أي لأن الوصية بتأويل الإيصاء (٢) إيجاب عند الموت وهي وارثة عند ذلك.

وذكر الإمام التمرتاشي: لا يجوز إقرار المريض لوارثه بدين أو عين إلا إقراره لامرأته بالمهر إلا أن يقر بأكثر من مهر مثلها (٣).

فإن قيل: لو أقر بوارث يجوز فكذا إذا أقر لوارث.

قلنا: إذا أقر بوارث إنما يجوز لأنه أوجب له مشاركة مع الورثة في الميراث فجاز كما لو كانت تحته زوجة فتزوج بأخرى في المرض لأنه أوجب لها مشاركة في الميراث كذا هنا؛ ولو أرادت المريضة هبة مهرها من زوجها فالوجه فيه أن يقر بمهرها لأجنبي ثم يتبرع الأجنبي على زوجها؛ والإقرار وإن كان ملزمًا بنفسه لكن سبب الإرث وهو البنوة قائمة وقت الإقرار إلى قوله بخلاف ما تقدم.

قال الإمام التمرتاشي: وإن أقر له وهو غير وارث ثم صار وارثًا يوم مات إن كان ذلك بقرابة بطل إقراره؛ بأن أقر لابنه النصراني ثم أسلم النصراني بطل الإقرار لأنه أقر وسبب التهمة قائم وهو القرابة؛ وإن صار وارثًا بولاء أو زوجية بأن أقر لأجنبية ثم تزوجها أو والاها ثم مات لم يبطل إقراره لأنه أقر وليس بينهما سبب تهمة فلا يبطل إقراره بحدوث سبب بعده.

وهذا بخلاف ما إذا أوصى لأجنبية ثم تزوجها ثم مات بطل كله؛ لأن الوصية تمليك وقت الموت.

وكذا لو كان الابن عبدًا أو مكاتبًا فأعتق أي لا تصح الوصية والهبة له لأن الوصية مضافة إلى وقت الموت.


(١) ينظر: العناية (١٠/ ٤٦١).
(٢) في (ب): بتأويل الإيصاء عند الموت؛ وما أثبت من (أ) و (ج) هو الصواب.
(٣) ينظر: المبسوط (١٨/ ٣١).