للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن قيل: لو حابى ثم حابى ولا يخرجان من الثلث تحاصَّا ولم يترجح الأول من الوجه الذي قلته، فإن على قوله ما ذكرته يلزم أن ينفذ الأولى ثم الثانية.

قلنا: إنما كان هكذا لأن ما يحتمل النقض من تبرعات المريض ينفذ ثم ينقض إذا لم يخرج من الثلث؛ وإذا كان كذلك نفذناه جميعًا ثم نقضناه (١) بعد الموت [وثبت لهما] (٢) بحكم الوصية وهما نافذتان (٣) فاستويا، هذا كله مما أشار إليه في المبسوط (٤) والأسرار.

قسم [الثلث] (٥) بين العتق الأول والمحاباة لأن العتق الثاني مؤخر عن المحاباة فلا يزاحمها، والعتق الأول مقدم على المحاباة فيزاحمها في الثلث؛ ثم ما أصاب العتق الأول شاركه فيه العتق الآخر للمجانسة والمساواة بينهما.

فإن قيل: كيف يستقيم هذا ولم يصل إلى صاحب المحاباة كمال حقه كان ينبغي أن يسترد صاحب المحاباة ما أخذ صاحب العتق الثاني؛ لأن حق صاحب المحاباة مقدم على حق صاحب العتق الثاني كما لو كانا معًا وليس معهما عتق آخر وتقدمت المحاباة.

قلنا: لا كذلك فإنه لو استرد ذلك منه استرد منه العتق الأول؛ لأن حق العتق الأول وحق المحاباة سواء في الثلث، فيؤدي ذلك إلى دور لا ينقطع والسبيل في الدور أن يقطع، وأن يقضِ صاحب المحاباة البيع لما لزمه من زيادة الثمن كان الثلث بين المعتقين نصفين لاستواء حقهما، كذا في باب الوصية بالعتق والمحاباة من كتاب العين والدين من المبسوط (٦).

بهذه المائة أي: المعينة، وبقي شيء من الحجَّة يرد على الورثة إلا أن يكون الموصي جعل الفضل للذي يحج عنه فيكون له، كذا ذكره الإمام الكشاني (٧).

وهذا أشبه أي أشبه إلى الصواب لأنه ثبت بالدليل أنه حق العبد عنده فيختلف المستحق إذا هلك شيء منه.

ومن أوصى بعتق عبده أي: بإعتاق عبده؛ لأنه يتلقى الملك من جهته أي لأن الموصى له يأخذ الملك من جهة الموصي؛ إلا أن ملكه أي ملك الموصى فيه باقٍ لحاجة الميت حتى لو كان العبد ذا رحم محرم من الورثة لا يعتق لما بينا أن ملك الميت باق بعدُ لحاجته؛ وهذا لأن ملك الورثة ملك خلافة فلا يثبت ما لم يستغن الأصل منه كذا في مبسوط فخر الإسلام (٨).


(١) في (ب): نفذناه؛ وما أثبت من (أ) و (ج) هو الصواب؛ وبه يستقيم المعنى.
(٢) ساقطة من (ب)؛ وإثباتها من (أ) و (ج) هو الصواب.
(٣) في (ب): ناقضتان؛ وما أثبت من (أ) و (ج) هو الصواب.
(٤) ينظر: المبسوط (٢٨/ ٩)، العناية (١٠/ ٤٦٦).
(٥) ساقطة من (ج)؛ وإثباتها من (أ) و (ب) هو الصواب.
(٦) ينظر: المبسوط (٢٨/ ١٣٤).
(٧) ينظر: العناية (١٠/ ٤٦٧).
(٨) ينظر: العناية (١٠/ ٤٦٨)، البناية (١٣/ ٤٥١).